مواجهة المنحرفين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لقد اتضح للجميع أن المرحلة التي نعيشها تفرض علينا أن نقف الوقفة الحاسمة أمام بعض المحسوبين على الخط ممَن يقدمون أنفسهم كحملة للنهج، وكمعنيين ببيانه وشرحه للناس، وممن يعطون أنفسهم الأحقية المطلقة للحديث عن الثورة، ويرون أنهم وحدهم المخولون في التحديد للسياسات التي لا بد أن يسير عليها كل الثوار دون تفكير أو مناقشة، فلا موقف إلا ما كان امتداداً لمواقفهم، ولا وجود لرؤية حقيقية ما لم تكن مستندةً إلى رؤاهم ومنطلقة لجعل كل الأفكار نسخة من أفكارهم، وساعية لجعل كل العقول نسخة من عقولهم، فهم الصوت الذي يجب الإصغاء إليه، والأشخاص الذين لا يجوز التقدم عليهم في أي شيء، لا لشيء إلا لأنهم يرغبون بذلك حتى وإن أدت رغبتهم تلك إلى تجميد القدرات، وقتل الأفكار النيرة، وتغييب الفاعلين والمؤثرين، ومحاصرة جهودهم والتقليل من مدى أهميتهم في ما يقومون به من أدوار ومهام تصب في نهاية المطاف في خدمة الأهداف الكبرى للثورة، وتطلعات جمهورها العريض.
إن هؤلاء على اختلاف مواقعهم وتنوع أدوارهم ينطلقون من الإيحاء لأنفسهم بامتلاك شرعية لا يمتلكون ذرةً منها، وبالتالي يزدادون تمادياً في الملازمة للانحراف، نتيجة هذه الثقة التي جعلتهم منقطعين إلى نفوسهم، الأمر الذي يوجب الانحراف في حركة الواقع كله، لأنهم يمثلون القوة المؤثرة في الوعي العام بالمستوى الذي يمثل الخطورة البالغة، لما سيترتب على ما يقفونه من مواقف ويتبنونه من رؤى ستنعكس آثارها السلبية كمعاول هدم وتدمير للساحة كلها.
لقد بتنا اليوم بحاجة ماسة إلى استدعاء الإمام علي (عليه السلام) لكي نتعلم منه كيفية المواجهة لهؤلاء بالأسلوب القوي، والموقف الصلب، تماماً كما كان يفعل (عليه السلام)، فقد حاول الكثيرون إقناعه بمهادنة الظالمين والسكوت مؤقتاً عن انحراف المنحرفين، تفادياً لما قد ينجم عن إزاحتهم من ساحة الحكم من تبعات قد تؤثر على الواقع كله، ولعل ذلك ما نستوحيه من قضية عزله لمعاوية عن ولاية الشام في الوقت الذي أشار عليه الكثيرون بإبقائه.
لكنهم يستندون إلى نظرية مغايرة لما يقوم عليه توجه أمير المؤمنين (عليه السلام)، إذ إن هدفهم هو تقوية السلطة وتعزيز النفوذ للحكم والعمل على بقائه، وإن وصل بهم الأمر إلى القبول بأنصاف الحلول، واتخاذ الوسائل المتنوعة لكسب تأييد الآخرين لهم.. ولنا في الغد تتمة لهذا الموضوع بمشيئة الله.

أترك تعليقاً

التعليقات