سر بقائنا
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
عزاءُ كل عصاميٍ حرٍ، مخلصٍ في أدائه العملي، صادقٍ في توجهه، يعي طبيعة الواقع الذي يتحرك فيه، وأهمية الدور الذي عليه القيام به، ومتطلبات الإنجاح لمهمته في الحياة، التي تأتي في مقدمتها: القدرة على مواجهة التحديات، والتغلب على المعوقات التي قد تعترض طريقه، محاولةً صرفه عن مبتغاه، وحرف مساره باتجاه غايات وأهداف أخرى، بعيدةً كل البعد عن تلك التي شكلت الأساس لحركته الفكرية ومنطلقه العملي، أنه: ليس وحده في ما قد يلاقيه من عسف وقهر وإقصاء وتهميش وانتقاص وتحقير، ومحاربة وإذلال، وسلب لكل حقوقه، وإزاحة من موقعه، ومنع له عن مواصلة أداء رسالته، بمختلف الطرق الشيطانية، والأساليب الماكرة الخادعة المضللة، إذ سيلتقي بالكثيرين ممن كان لهم دور كبير في تعزيز ثقافة الحق، والإسهام بنشر مفاهيمها، ودحض ثقافة الباطل، وتفنيد وكشف كل مزاعمها وحيلها وأكاذيبها، يشاركونه في معاناته، ويتجرعون معه نفس المرارة، وبالكأس ذاتها، عندئذٍ تقوى إرادته، ويشتد عزمه وتصميمه على المضي قدماً صوب ما يريد، ومادام متحلياً بشرف المقصد، ونبل الغاية، سلاحه النظرة الثاقبة، روحه مستعدةٌ للتضحية، ونفسيته مهيأة لتحمل الأعباء، ودفع التكاليف اللازمة لبقائه في الحق ومعه طريقة ومنهجية فلن يعدم الوسيلة التي ستعينه على التغلب على كل شيء أيًا كان مستواه أو حجمه من حيث الآثار والنتائج.
لقد صنع فينا المنهج القرآني مناعة ضد كل الفيروسات والأوبئة التي يود لنا العاجزون الموت عن طريقها، حينما رسخ فينا: أنه بقدر التزامك بالحق، وثباتك عليه، وتمثلك لكل معانيه، ونجاحك في تجسيد مقتضياته في واقعك فستلقى ولا شك مَن يحاربك، ويحقد عليك، ويعمل على مضايقتك وتشويهك بكل ما يستطيع، ولن يترك وسيلةً قد تساعده بهذا الخصوص إلا استعملها.
موقف طريف:
قبل شهر من اليوم اتصل بي أحد المعنيين بشؤون العاملين، طالباً مني أن أوضح له سر اختفائي من ساحة العمل بالإذاعة، وقال: إني واحد من أكثر من 200 عامل تم تكليفه بمتابعة أخبارهم، والوقوف على طبيعة الأسباب الكامنة وراء تركهم لأعمالهم، ولما أبنت له السبب، وأطلعته على حقيقة الموضوع، أبدى تحمسه الشديد تجاه قضيتي، واستعداده للوقوف إلى جانبي، كما أطلعني على أكثر من قضية حصلت لأكثر من شخص، فيها الكثير من أوجه التشابه مع قضيتي، ولعل أبرز تلك الأوجه: وجود بصمات اليد ذاتها التي طالتني لديهم جميعاً، ثم قمت بعد ثلاثة أسابيع بالاتصال به، لمعرفة ما توصل إليه، فأجاب بكلمة واحدة: عفواً لا اسمك ولا ملفك موجود عندنا!

أترك تعليقاً

التعليقات