الأقارب تعيينات ومناصب
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
في الوقت الذي يتسابق فيه الأحرار إلى ميادين العطاء لكي يقدموا كل ما بوسعهم من أجل الله سبحانه وتعالى، ويبذلوا كل ما لديهم في سبيله أموالاً وجهوداً ودماءً ومهجاً، تجد في الجانب الآخر في ساحة المشهد الثوري مَن يتسابقون على الأخذ، ويسارعون إلى التخادم في ما بينهم بما يجعل لهم الحق دون سواهم من أبناء المجتمع في اقتطاف كل ثمار الحرية والسيادة والاستقلال واحتكارها لصالحهم دون أن يعطوا أحداً شيئاً من ذلك أيّاً كان، وإلا فما معنى النشاط المحموم لدى بعض القطاعات والمؤسسات في الإكثار من تعيين الأقارب دون أن يكون لهؤلاء أدنى قدرات تؤهلهم لأن يقوموا بأي دور في الحياة، لكون هؤلاء المقربين من فلان أو علان، الذي بات يرى المؤسسة أو الجهة التي يديرها ويحكمها ملكاً لأبيه، جهلةً ولم يحظوا بشيء من التعليم والمعرفة ليتمكنوا بعد ذلك من تحقيق وجودهم وبناء شخصياتهم في الواقع بموجب ما لديهم من قدرات وقابليات، لأن الموات لا يحقق وجوداً وإنما يصنع عدماً.
لقد ترددت كثيراً في طرح هذا الموضوع حتى تمت لي حياله المعرفة الكافية التي توحي أننا بتنا أمام ظاهرة خطيرة كلما سكتنا عنها ازدادت تمدداً واتساعاً وكأنها عدوى مرضية، بل هي المرض عينه الذي يريد لثورتنا أن تأكل نفسها.
ومن شواهد تلك الظاهرة ما تمكنت من الاطلاع عليه قبيل كتابة هذه السطور بساعة تقريباً، إذ فاجأني أحد الأصدقاء الذين أثق بهم، بقوله: إن فلاناً من الناس الذي حال بينه وبين أن يكون شيئاً في الحياة عجزه الدائم وفشله المستمر، قد ابتسم له الحظ مؤخراً لكونه أصبح من أقارب الوزير الفلاني عن طريق المصاهرة، التي بموجبها حصل صاحبنا العاجز والفاشل على قرار يقضي بتعيينه في منصب مهم جداً، عندها أطرقت من هول الصدمة وأنا أقول لنفسي: إلى متى سيظل كل هذا العبث والاستهتار بالتضحيات والدماء؟ أما حان إيقاف كل العابثين عند حدهم؟ لقد طال أمد انتظار الانتصار لهذه الثورة ممن يودون سرقتها وهدر مقدراتها ومكتسباتها.

أترك تعليقاً

التعليقات