إرادةٌ لا قدر
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كان حزب الله ولايزال لدى كل مَن يمتلك ذرةً من عقل، ويتحلى بقدر ولو يسير بشيء من الإنصاف، ويستطيع قراءة الواقع بوعي، ويشعر بانجذاب إلى الحقيقة، وعنده شيء من السلامة الفطرية تدفعه للنفور من الباطل والزيف، وعنده إمكانية للتفلت من القيود المذهبية والطائفية والعصبية، حتى في لحظة صفاء بصورة مؤقتة: المخرج للعرب خصوصاً، والمسلمين عموماً من حالة الموات، الوجودي الشامل، إلى لحظة التخلق والتشكل والبناء المصحوب ببعث الأصول والجذور للأمة الخائبة الضعيفة المنكسرة المهزومة المستباحة المستعبدة، التي لم يكن لها وجود في الحاضر، فعاشت خارج الزمن، وراحت تنعى حاضرها، وتهفو إلى الفرار باتجاه ماضيها، لتعيش فيه، دون أن تلقي بالاً لما يفرضه عليها الزمن الحاضر من وعي وحركة وفاعلية، ومثلما فقدت مبررات وجودها في الحاضر، فقدت كل ما من شأنه أن يحركها نحو المستقبل، فهو بالنسبة لها مجرد وهم، تعيشه في حالة من السكر بالخرافة، وتحلق معه في ضبابية الأحلام.
إنها كانت قبل مجيء حزب الله ترى أن الهزيمة أمام الكيان الصهيوني المجرم اللقيط قدرها المحتوم، وأن النصر قدر الكيان المجرم، فجيشه هو الجيش الذي لا يقهر، وإذا ما تناولت تاريخ الصراع مع هذا العدو، فهو تناول مَن يعتبره مجرد تراث لا علاقة له في الراهن.
وهنا جاء حزب الله، الذي قدم لها حقيقة هذا الدين الذي تنتمي إليه بعد أن كانت قد أفرغته من محتواه، وانعكست روحيتها الجامدة على مفاهيمه، فأثبت لها أنه دين الإشراق والتنوير، وأنه لا يقبل الرجعية لأنه يدعو للتقدم ويرفض الظلامية، لأنه يبعث على تفجر النورانية، ويأبى التسافل والانحطاط، كونه يشجع على الكمال والنهضة والترقي.
كما حررها من اليأس، وبذر فيها بذرة الأمل بالمستقبل، ودفعها نحو الحركة والعمل لمواجهة عدوها بالمتاح، دون أن تترك السعي لامتلاك عوامل قوتها في مختلف المجالات.
ولعل أهم ما أعطاه ويعطيه حزب الله لهذه الأمة من الدروس هو: التعالي على الانكسار، والتمسك بالنصر، وعدم الرضوخ لقوة العدو، والاستسلام للهزيمة، فالنصر والهزيمة إرادة، لا قدر.

أترك تعليقاً

التعليقات