ما أبعدنا عنه!
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ثمة سؤال يلح على كل ذي عقل سليم، هو: لماذا كان الخطاب المحسوب على الدين ولايزال يتعامل مع ظاهرة الفقر التي تزداد تمدداً واتساعاً في المجتمعات الإسلامية بالدعوة للفقراء إلى الزهد عن الدنيا، والانصراف عن ملذاتها وطيباتها، والتماس العوض من الله يوم القيامة، واعتبار ما تعيشه الطبقة المرفهة والمستحوذة على كل شؤون الحياة متاعا زائلا، لا يجوز الانشغال به؟
والغريب أنك عبر التاريخ لا تكاد تجد أكثر من اثنين أو ثلاثة فقهاء عاشوا الفقر فعلاً، بينما البقية يعيشون في راحة وهناء، ويتقلبون في بحبوحة الخير الوفير، ويحصلون على كل ما لذ وطاب، ولن يعدم القارئ السبيل لإيجاد أكثر من شاهد يؤكد ذلك.
وتلك هي السخافة والاستهانة بالعقول بعينها، عندما يأتي مَن يحدثك عن الزهد بسيارة فارهة، مع تمتعه بالمظهر الموحي بموفور النعمة، وظهوره بمظهر الأنيق المفرط باقتناء كل ما يلزم لذلك، بعيداً عن الثمن المتوجب عليه دفعه.
لو أن أحداً كرس جهده اليوم لبيان أساليب الإمام علي وسياساته عليه السلام، في جانب العدالة الاقتصادية، وتوزيع الثروة، والحفاظ على حق الأمة المالي، لاعتبرناه شخصاً يهدر وقته وجهده في ما لا طائل منه، ولا منفعة ترجى من ورائه، هذا إذا لم نتهمه بالشيوعية، لكوننا لم نعش علياً روحاً، ولم نلتزمه منهاجاً، وإلا لعرفنا أن: محاربة الطبقية، والثراء الفاحش لدى البعض، في حين أن الأغلبية تحت خط الفقر، هي إحدى أولوياته التي لم يتخل عن العمل بها لا في سلم ولا في حرب، فما أبعدنا عنه، وما أشد تنكرنا لمنهجه، حتى وإن ادعينا حبه وتوليه!

أترك تعليقاً

التعليقات