مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
نحن اليوم -عزيزي القارئ- مع كتاب "الرحمن"، ذلك اللغز، وهو قراءة تحليلية للاسم على ضوء المصادر.
إنها المحطة الأولى، والتي لطالما تهيبت الانطلاق في رحابها! هذه المهابة ليست نتيجة خوف من المعروض أو المحتوى الذي بين دفتي هذه الدراسة العظيمة التي نحن في رحابها، بل من المعني بعرضها عليك أيها القارئ الكريم، فمحدثك قارئ مثلك، يخشى أن تقصر به همته عن بلوغ مدى هذه الدراسة الرحب والواسع سعة الوجود، أو يقوده جهله لإغفال ما لا يجب إغفاله، وتأخير ما حقه التقدم، وتقديم ما حقه التأخير، أو تحيط به نزعة الأنانية وحب الذات فيتجاهل ما تزخر به هذه الدراسة من نفائس كانت تحت ركام الغفلة، حتى انبرى لها مؤلف الكتاب (نشوان دماج) فأخرجها إلى النور، ولا أخفيك عزيزي القارئ أنني: لم أتمنى في كل ما قرأته شعراً ونثر، تاريخ وفن، فكر وعقيدة، أن يكون لي سوى هذا الكتاب! فنسأل الله العصمة من الحسد.

فاتحة
نشوان: رجل يكره التعالي والاستعراض، يمقت التنطع والتشدق والعنجهية، يكتب عن إحساس بالواجب، يتحرك من واقع إدراك المسؤولية الملقاة على عاتقه، تجاه دين وتاريخ ومصير أمة هو جزء منها، يعي طبيعة ما نحن فيه من وهم وعبثية وزيغ وانحراف، يشعر بطبيعة الأمراض التي فتكت بالجسد والفكر والروح المسلم، ويعرف العلاج، ويرى بعين القلب والعقل مصدر كل ما نحن فيه من علل وأدران وتشوهات خلقية وإنسانية، وضحالة فكرية وجبن وذلة وتفاهة وانعدام وزن. لذلك عبد الطريق لنا بهذا الكتاب.
ولن تراه يهدي هذا الجهد العظيم والعمل الجبار والفكر المتماسك الخلاق لطائفة أو حزب، ولا لشخصية اعتبارية، وذات نفوذ سياسي أو ديني أو ثقافي، ولو فعل ذلك لاحتفى به الإعلام الخاوي على الاستديوهات، وتغنت به الصحف المتخمة بقصر النظر، وأفردت له الشاشات ومؤسسات الثقافة مساحات من وقتها وعملها وبرامجها، ولوجدت الندوات تنعقد على شرفه على طول مساحة يمن الحرية والسيادة وعرضها.
ولكن هو نشوان الذي لم يكن عيبه هو وقليل أمثاله سوى أنهم جاؤوا من واقع كله وعي وبصيرة، وحملوا القدرة والإرادة والاختيار، وسموا فوق عوالم النقص والناقصين.
لذلك لا مكان لهم في قاموس ثقافة تشيد بعطيفان، وتهش وتبش بوجه كل أبي هريرة.
ولكن لمَن يا ترى تهدي أيها المؤلف هذا الكنز؟!
يجيبنا الكتاب بلسان صاحبه: أهديه لسيدي رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله). وهذه تكفي لنعرف عظمة ما احتوته هذه الهدية، التي تتجلى عن طريق عظمة المهداة إليه.
وأخيراً: إن وراء خروج هذا الكتاب إلى النور أمرا واحدا، هو: العشق. نعم العشق للكمال المعبر عن كمال الرحمن، المتجلي بالرحم؛ محمد وآل محمد. لذلك نجد وقبل كل شيء هذه الجملة المعبرة بما فيها للمؤلف:
في العشق هم ظمَئي ولكني وثقتُ بهم فصاروا الماءَ هم ظمئي ومائي.

أترك تعليقاً

التعليقات