مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -

لقد مرّ 3 أعوام على تأسيس "إذاعة 21 سبتمبر"، صوت الجيش واللجان الشعبية، وها نحن في العام الرابع الحامل لنا في طياته ذكرى الانطلاقة لهذا الأثير، فيا ترى ما الذي يجب أن نقف عليه تزامناً مع الذكرى وتأكيداً للدور والهدف؟ وعليه سندرك أين أخفقنا، وأين نجحنا؟ وما هي عوامل نجاحنا وفشلنا، لنستمسك بعوامل النجاح ونثريها ونعززها، ونبتعد عن عوامل الفشل والإخفاق ونجتثها ونستأصلها، لتستقيم بعدها خطواتنا المعززة لمقام الحق والباعثة لروح الحرية والسيادة والاستقلال. كيف لا ونحن من شُرّفنا بأن نكون حلقة الوصل بين رجال الميدان المضحين والثابتين والمستبسلين، وأبناء الشعب الصامد الأبي الباذل المعطاء؟! ولا أريد عزيزي القارئ أن أغوص في قائمة أهداف ومحددات عمل هذه الإذاعة، ولكن من الضروري أن أقف مبيّناً عثرات وانتكاسات العمل الإذاعي لهذه الإذاعة، وكذلك سنسعى لتبيين الأسباب والدوافع التي أدّت لهذا، مطلقين عبر صحيفة "لا" نداء استغاثة إلى من يهمه الأمر.
انطلق أثير الإذاعة بالبث الرسمي في 01-01-2018، وكأحد العاملين فيها فقد أعطيناها وجودنا ووجداننا ومنحناها كل وقتنا، إدراكاً لعظمة الاسم الذي تحمله، لأنها حملت اسم أشرف الثورات وأطهرها وأزكاها وأنقاها، وعليه فلا بد أن تكون بمستوى هذه التسمية، وأن تعكس ثقافة هذه الثورة، وأن تكون رافداً مهماً في ترسيخ مبادئها وتعميم مفاهيمها وتبيين مقاصدها. كما أن توجهها المباشر إلى من قال عنهم الرئيس الشهيد صالح الصماد أنهم كل شيء وسواهم بدونهم لا شيء. وهكذا استمررنا بكل جد وتفانٍ إلى منتصف عام التأسيس، وبدأت معالم الجمود تدب شيئاً فشيئاً في جسد العاملين، لا لأنهم فقدوا الحماس والدافع لمواصلة العمل بكل جد وبكل إخلاص، بل لانعدام الرؤية التجديدية لدى المعنيين بإدارة هذه الإذاعة، وانصباب جل اهتمامهم على توسيع دائرة البث وما يتعلّق بالمظاهر الخارجية. والحق يقال إن العام 2018، بكل أيامه، لم يكن يحوي في طيّاته مؤشرات ظاهرة في الانتكاسة لمن يستمع لهذه الإذاعة، لكن ذلك كان واضحاً لدى العاملين. وما إن جاء العام 2019، بدأت الأمور تشير إلى تغيّرات تقود العمل في هذا المنبر نحو الأسوأ، فكيف تم ذلك؟
بإمكاننا الإجابة من خلال عدة نقاط:
أولاً: عدم وجود لائحة تنظيمية تحدد المسؤوليات والمهام للعاملين في هذه الإذاعة، مما أدّى إلى تنامي وبروز العشوائية بشكل ظاهر وكبير. ومازلت أتذكّر في هذا السياق قول أحد الزملاء وهو يسخر من آلية العمل هنا إذ كان يقول: "باشر عمّك يا ليد!"، إيحاءً منه بأن عملنا أشبه ما يكون بعمل في بوفيه أو مطعم.
ثانياً: محاولة تنفير المتميزين والمبدعين، ووضع القدر الكبير من العمل على ظهورهم وكواهلهم مع عدم تشجيعهم وتقوية نفسياتهم.
ثالثاً: ارتباط كل شيء بشخصية إدارية معزولة عن الميدان بشكل كلّي، لديها مسؤوليات ومهام أخرى، قليلة المتابعة لما يجري، وعديمة القدرة على قراءة الواقع والأحداث، وكثيرة الانشداد إلى القرابة والعلاقات الشخصية، وعلى أساس ذلك تقرّب منها عاملاً وتبعد آخر.
رابعاً: خضوع مسألة التسلسل الإداري للمزاج، واتسامه في أغلب الأحيان بالتخفي. وعلى سبيل المثال: لم أعرف أن أحد الزملاء مدير للبرامج الوثائقية إلا بعد أن أعطاني سيرته الذاتية بغرض الكتابة عنه في هذه الصحيفة، وذلك في سلسلة حلقات "وجوه في العتمة".
وهنا قد يقول قائل: لم تضعنا إلى الآن في الصورة الكاملة لما جرى ويجري في هذه الإذاعة، وعليه نقول إن إذاعة "21 سبتمبر" ضحية تجاذبات وأهواء ونزعات عدة مؤسسات ودوائر تدّعي تابعية هذه الإذاعة لها وحقها في التصرف بكل ما يتعلق بها وتصدير قوائم الفاشلين وعديمي الوعي ليكونوا أصحاب الكلمة والرأي الأول والأخير في الجوانب العملية والإدارية لـ"21 سبتمبر"...
الوقوف على طبيعة الأداء الإعلامي في العموم يستجلب الحسرة ويبعث الألم، فعلى الرغم من كثرة وسائلنا الإعلامية إلا أن التميز في الأداء والنهوض بالدور الرسالي محصور على مؤسستين أو ثلاث، تقف في مقدمة تلك المؤسسات صحيفة "لا" متربعةً قمة تمثيل الإعلام الثوري التحرري المتضمن كلمة الحق والمجسد لرسالة العدل الإلهي في خطى مسيرة قرآنية وتحت قيادة قائد رباني، وبذلك تم لـ"لا" ما لم يتم لسواها، نظراً لوجود كادر زاده الوعي وشربه البصيرة ومقامه الثبات وروحيته الإيمان المقرون بالعمل الدؤوب الموحي بأن المسؤولية نابعة من قناعة من الداخل منصهرة بتركيبة تلك الذوات العاملة في صحيفة "لا"، وهذا ما تم تجفيفه والقضاء على منابعه لدينا في "21 سبتمبر".
إذ تمكنت العقليات الضحلة عديمة الوعي، والمفتقرة إلى القدرة، والبعيدة عن الحكمة، والقاصرة في النظرة، وعديمة المعرفة، من فرض وجودها علينا، وسد منافذ النور المتدفقة من واقع الميدان لرجال الرجال من المجاهدين المجترحين بتضحياتهم كل المعجزات، والمتحققة بدمائهم أسمى وأتم الآيات عنّا، وحُشرنا في زوايا الفشل، لا لقصور قدرات الطاقم وافتقاره إلى الخبرة والمعرفة، بل لقصور القدرات الموجّهة لهذا الطاقم، وافتقارها للنزعة التجديدية وتعلّقها بالشكليات وتعاملها مع مساحة البث الإذاعي بسد الفراغ بأي مادة بغض النظر عن مدى الفائدة منها أو عدمه، المهم أن يبقى الطنين وتستمر الحشرجة ليقال إننا لا نزال موجودين في الساحة، ولا يهم إن كان وجودنا يصب في خط السلب أو الإيجاب! وهنا لا بد من الاعتراف للطاقم بقدراتهم المميزة وإخلاصهم الملموس وجهودهم المعطاءة التي تميزوا بها في كل المراحل على امتداد الـ3 السنوات، باعتبار أنهم قدّموا ما قدّموه بجهود ذاتية بعيداً عن توجيه فلان أو علان، فالتميّز هنا أوهناك محسوبٌ للعاملين بعيداً عن الإدارة والمسؤولين.
قيل عنا "صوت وزارة الدفاع" و"لسان الجيش واللجان الشعبية"، لكنّه ظل محصوراً على الكاشات والفلاشات، إذ مكثنا طيلة المدة من التأسيس إلى الآن عالة على الوسائل الإعلامية الأخرى في استقائنا للمعلومة عن هذا الميدان أو ذاك، فلا ارتباط لدينا بالعمليات ولا يوجد موجّهات أو محددات تنظم عملنا استجابة لواقع المتغيرات الميدانية أو تمهيداً لما ستقدم عليه القوات المسلحة مستقبلاً.
وحقيقة الأمر في هذا الموضوع أننا أشبه ما نكون بقطاع خاص لا صلة له بالجانب الرسمي من قريب ولا من بعيد، فكل ما نلقاه من المسؤولين عن هذه الإذاعة هو مجرّد كلمات فضفاضة متبخرة في الهواء لا أثر ملموس لها. واليوم لا نود الخوض في المثالب والمنزلقات الخطيرة التي وقعت فيها الإذاعة والعاملون فيها وهي كثيرة، وسنضطر إلى تبيينها إن لزم الأمر، فلكل حدثٍ حديث، وعليه فلن نستبق الأحداث، وسنكتفي هنا بالقول إننا لا نريد أن نجد في التغيير الذي سيحصل في هذه الإذاعة عملية انتقال من السيئ إلى الأسوأ ومن التلاشي إلى العدم، ولكننا نريد من وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة ألا تترك حبل إذاعة "21 سبتمبر" ملقىً على غارب اللامبالاة، لتتجاذبه أيادٍ صبيانية تعمل على تصدير الفاشلين والعاجزين إلى هذه الإذاعة، فقد وصل الأمر بالتنازع الصبياني بشأن إذاعتنا من قبل دائرتي التوجيه المعنوي والثقافة الجهادية حد الغثيان والتقزز والاشمئزاز، وعلينا تذكيرهم هنا أن إذاعة "21 سبتمبر" أخذت اسمها من ثورة 21 سبتمبر، التي حازت كل معاني الكمال منهجاً وقيادة وأهدافاً ومبادئ وطريقة، فلا يليق بالكمال إلا الكمال، ومن الأدب في حضرة ثورة 21 سبتمبر أن نعيّن شخصاً جديراً بالنهوض بتبعات هذا الاسم في إذاعة "21 سبتمبر"، أما الناقصون فقد جرّبناهم، والمؤمن لا يُلدغ من جُحرٍ مرّتين.
وختاماً: إن دماء الشهيد مروان قاسم أحمد الجاحمي، التي قدمت بسخاء أثناء عمله في قطاع الصيانة والتشغيل لأجل وصول البث إلى كافة الجبهات، كفيلة بإنجاح دور هذه الإذاعة، وبإبعاد ركام الفشل وتبديد حجب الظلمات المعتمة التي ضربت على إذاعتنا..
 والله من وراء القصد.

أترك تعليقاً

التعليقات