استنساخ الجهلة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي  / لا ميديا -
السماح للجاهل بتقديم نفسه كعالم جريمة، لأن خروجه إلى الناس وحركته بينهم بناءً على أنه عالم سيمكنه من غرس بذرة الجهل الذي يحمله ولا يملك سواه في نفوس وعقول ووعي العديد من أبناء المجتمع الذين يلتقي بهم وينظرون إليه نظرة توحي بشيء من الاحترام والتقديس، نتيجة الأنشطة الترويجية والأعمال الدعائية التي سبقت حركة هذا الجاهل بين الناس أو التي تتحرك تزامناً مع تحركاته لتذلل له سبل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المتلقين، الذين بفعل الزمن سيصبحون محبين له ومتبنين لآرائه، وقد يعملون بجد ونشاط وحيوية كأنهم خلية نحل لنشر ثقافته وتعميم كل ما يطلقه من مفاهيم على ضوء ما يؤمن به من أفكار، لنجد أنفسنا بعد زمن أمام العشرات وربما المئات وأحياناً الآلاف ممن قد أصبحوا نسخاً طبق الأصل من صاحبنا، في الشكل والمضمون، والذين سيصنعون في واقعنا نسخاً منهم لنصل في نهاية المطاف -لا سمح الله- إلى أن نرى المجتمع كله ضحية ذلك الواحد الذي ساعدته بعض الظروف لتقديم نفسه بما ليس له، ووفر له السكوت عنه وعن جهالاته وترهاته من قبل الواعين ملاذاً آمناً كي يعمل على أقل من مهله على تجهيل الناس وتسميم أفكارهم، مع العلم أن ضريبة السكوت والتغاضي عن مثل هؤلاء ستكون باهظة على الجميع، ولن يسلم أحد قط من دفع الثمن الذي قد يتعاظم حتى يصل إلى الحد الذي قد يصادر حريتنا وسيادتنا واستقلالنا وكرامتنا وكل إنسانيتنا.
وليس الأمر متوقفاً على جانب العلم بحيث نقف عنده لكي نسترد أنفاسنا بما يمكننا من التدقيق في الأشخاص الذين تحاصرنا ذواتهم وأطروحاتهم في كلى العالمين الواقعي من خلال إذاعة ومسجد وقناة، والافتراضي من خلال شبكات التواصل، وإنما ثمة شواهد أخرى تتحفنا بها وسائل الإعلام يومياً من خلال بعض موادها البرامجية بالشكل الذي يوحي بأمر فيه من الخطورة ما يكفي لزعزعة كل ما نراه ضمن المسلمات، ولاسيما ما كان متعلقاً بالجانب الإبداعي الذي يقودك إلى باب الأدب من أوسع طريق لتشاهد من ذلك الباب الشعر وهو يجلد دون رحمة بعد أن تم تقييده بسياط بعض قنواتنا وإذاعاتنا، فتارةً تستضيف تلك المحطات بنوعيها شخصاً لا يملك أدنى ما يدل على شيء من موهبة وليس لديه معرفة ولو بسيطة بمبادئ اللغة ويقولون لك هذا الكاتب والشاعر فلان أو هذه الشاعرة والكاتبة فلانة، ولعل أكثر ما يستفزك هو ذلك السؤال من قبل المذيع الذي يطرحه على مثل هؤلاء: من الذي شجعك في بداية الانطلاقة؟ أو حدثنا عن بداياتك؟

أترك تعليقاً

التعليقات