وظيفة المسلم الواعي
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
تلتقي ذكرى ثورة الحادي والعشرين من أيلول المجيدة بذكرى مولد خير البرية، نبي الرحمة، ورسول الله للعالمين، محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا التقارب الزمني بين كلا المناسبتين يوجب علينا السعي لبيان العلاقة بينهما، باعتبار أن ثورة الحادي والعشرين من أيلول الامتداد الطبيعي لحركة الرسول صلى الله عليه وآله، والنموذج الذي نهدف من خلاله لتجسيد الرسالة الخالدة على أرض الواقع التزاماً عقيدياً وعملياً، ونظاماً شاملاً لكل جوانب الإنسان ومجالات الحياة، ومادام الأمر كذلك فلا بد من الوعي أن هذا الدين الذي ننتمي إليه هو سنةٌ كونية ثابتة، لا تتغير ولا تتبدل، وأساس من الأسس التي يقوم عليها الوجود الآدمي، فهو المنطلق الأول في كل الحركة البشرية طوال التاريخ، والمبدأ التكويني الداخل في بنية الخلقة الذاتية، والنظام الذي يضبط حركة المجتمع، ويحدد علاقاته، كدستور ثابت وحاكم، كونه من الله تعالى، الأمر الذي يحول دون اختزاله في نطاق ضيق، أو اعتباره مجرد قرار تشريعي آني، أو مجموعة من الطقوس والتعاليم والأوراد الخاصة بالتهذيب النفسي والسلوكي والرياضات المعنوية، التي تجعل العلاقة به مجرد علاقة روحية لا أقل ولا أكثر، قال تعالى: {فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
وبناءً على المفهوم الحركي الذي يمكن استيحاؤه من خلال معنى هذه الآية نعرف أن وظيفة المسلم الواعي لما يعنيه انتماؤه لهذا الدين هي العمل على ملاحقة الأهداف الكبرى، والتأكيد الدائم على مقدار ما لهذا الدين من عظمة وكمال، من خلال التجسيد العملي لكل ما احتواه من قيم ومبادئ وأخلاقيات عليا وسامية ونبيلة، بمعنى أن ينعكس مضمون هذا الدين على بنية الإنسان الداخلية، بحيث يصبح وجوده انعكاسا لبنيته النفسية والشعورية، التي تعبر عن معنى الفطرة، وبذلك فقط تتجلى حقيقة الدين.
إن الدين الذي نأمل أن يولد في حياتنا المعاصرة من خلال الإحياء للمولد النبوي الشريف، ومن واقع الامتداد الرسالي لثورة الحادي والعشرين من أيلول؛ يقرر بما اشتمل عليه من نهج وشريعة أن كل إنسان ينتمي إليه عليه أن يعي أن له دوراً رئيسياً وحاسماً، يحتم عليه الحضور الفعال والنوعي، الذي يملأ الوجود حياة وحركة، إذ يصنع بفكره الواعي كل العوامل والمقومات التي يحتاجها المجتمع المسلم لتحقيق غاياته وتطلعاته وإبداعاته، من واقع تمثله للأهداف الكبرى والطموحات العليا التي تنشدها المسيرة الرسالية في هذه الدنيا، القائمة على أساس معرفة الله، الذي هو المثل الأعلى، والمبدأ والعلة لكل شيء.

أترك تعليقاً

التعليقات