أصناف الناس
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
تختلف القابلية لدى الناس في معرفة الحق والتزامه على مستوى الفكر والسلوك والحركة العملية، وذلك تبعاً لاختلاف النظرة، وتنوع الأهداف، وتعدد الدوافع من شخصٍ لآخر، ولكن هذا الاختلاف الذي بموجبه نستطيع تصنيف العاملين في سبيل الله إلى فئات ثلاث، من خلال التأمل في الواقع العملي، الذي يبين لك مدى صدق هذا وذاك أو هذه الجهة وتلك ومدى القناعة بالمشروع لديهم جميعاً التي ستنعكس على الروحية، فتمدها بالقوة والعزم، وتعزز لديها عناصر الثبات ولوازم الاستمرارية، لتكون المتفاعلة مع محيطها، الشاعرة بما حولها، المتحسسة في كل ما تراه وتسمعه وتحس به واجبها تجاه كل ذلك، وما هو الدور الذي تستطيع القيام به، فتستجمع كل قواها منطلقةً في ساحة الفعل دون أدنى تردد أو ارتباك، لم يكن ناتجاً عن إعاقة جسدية لدى مَن لم يقوموا بدورهم كما يجب، بل هناك معاقون حركياً وصم وبكم استطاعوا تجاوز تلك العاهات، وقد عرفت بعضهم في مختلف جبهات العمل لله، حتى العسكرية منها، وبالتالي يمكننا القول: إن مسارعة المسارعين لنيل رضا ربهم، وتعثر المتعثرين عن اللحاق بهم ناتجٌ عن إعاقة في النفس لدى المتعثرين، وسلامةٍ في نفسيات المسارعين، وهكذا تكون الإعاقة في الجانب المعنوي والنفسي والفكري هي الداء الذي ليس له دواء، والعلة التي لا يغادر الإنسان سقمها.
وعليه يمكن لنا التفصيل في تلك الفئات الثلاث أكثر مستعينين على ذلك بما قاله أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي يقول: الناس ثلاثة، فعالمٌ رباني، أي لا يتحرك إلا عن علم، ولا ينطلق في شيء إلا على أساس المعرفة، وعلمه ذاك قائمٌ على الالتزام بشرع الله، والاتباع لهداه، وتحرك من مقام العبودية له، واستشعار عظمته والخوف من سخطه، واليقين برحمته والرغبة بما عنده، فهو لا يقول قولاً ولا يقوم بعمل إلا واستحضر من خلاله مقام الرقابة الدائمة عليه من ربه.
ومتعلمٌ على سبيل نجاة، وهذه هي الفئة الثانية، التي تتسم بالبحث الدائم عن العلم النافع، والمعرفة الحقة، في كل تحركاتها ونشاطاتها في الحياة، كل ذلك بهدف تحقيق النجاة للنفس من الخزي والمذلة في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة.
أما الفئة أو الصنف الثالث فقد وصفه عليه السلام بعدة صفات إذ يضيف: وهمجٌ رعاع، أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق. وكفى ببيانه عليه السلام لهؤلاء قوةً ووضوحاً، لكل من لايزال على فطرته، يملك سلامة في القلب والروح.

أترك تعليقاً

التعليقات