أضغان الخبثاء باتت نكتة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إمازة الخبيث من الطيب في مجتمع المؤمنين، وبيان الصادق من الكاذب على مستوى الانتماء والاعتقاد، وعلى مستوى الالتزام العملي والسلوكي، سنةٌ من سنن الله سبحانه وتعالى، ماضيةٌ مع كل جيل بشري، ثابتٌ تحققها في حياة كل أمة ترتبط بدين الله، وتستجيب لدعوة رسله وأنبيائه، لذلك فهي جاريةٌ على الأولين والآخرين تماماً كما جرى فيهما الليلُ والنهارُ، ولم نكن يوماً في مقام الاستثناء عن هذه القاعدة التي هي ضمن قواعد النظام الكوني، ومادة من مواد القانون الإلهي، الذي يحكم حركة كل الموجودات ويحدد وجهتها ومسارها على كل المستويات، من هنا لزم الانتباه والحذر، كي لا نسقط في الامتحان، لأن القضية ليست سهلة، فمَن فشل هنا حكم على نفسه بالعذاب والخسران في دنياه وآخرته، ومن نجح ضمن الفوز والفلاح غداً هناك في محضر القيامة الذي يتوقف مصيره فيها بناءً على نتاج مساره العملي في هذه الحياة، التي عاشها مسلماً لربه، مستقيماً ثابتاً في خطواته السائرة إليه سبحانه، من خلال الطريق التي حددها هو وبينها في كتابه، عن وعي وقناعة ويقين، فلا زيغ ولا انحراف ولا غفلة ولا ارتياب.
وقد تمر على الواحد منا الكثير من المراحل الزمنية، التي يتلقى في رحلته معها أشد أنواع البلاء، ويتعرض خلالها لأعتى صنوف التمحيص، فيجتاز كل ذلك بروحية المؤمن المخلص لربه الصابر في خط السير لنيل رضاه، المستعد لبذل كل ما لديه، وتقديم نفسه وذويه في سبيله، ولكن ما إن تثار أمامه القضايا التي تمس شيئاً مما يتعلق بنسبه، أو منطقته، أو لهجته، حتى يغير جلداً غير جلده، ويبادر للتحلل من كل المعاني التي قام عليها إيمانه، ويتنكر لكل المضامين والمبادئ التي اشتمل عليها دينه، واقتضتها عبوديته لربه سبحانه، لأنه لم يتخلص من كل نزعاته العصبية، ولم يتحرر من كل القيود الجهوية والفئوية، التي بقيت مجمدةً في قعر النفس، مختفيةً في الأعماق كما يختفي الجمر تحت الرماد، ولذلك كان لهبة أبسط ريح كامل القدرة على إظهارها مجدداً، وهكذا تتم العودة إلى الحضيض، ويتحقق الانكماش ويحصل العدم، ويتجه الإنسان ليعبد غير الله.
وختاماً، إن علينا التفكير في كل ما نقوم بالتعاطي معه من كلمات وقضايا، والتفكير بكل ما يتداوله الناس من حولنا عن تلك الأمور، وقبل أن ننجر وراءها، وننطلق في إثرها كالمجانين، علينا أن ننظر في ما نحمله من نهج ما هو حكمها، وما موقفه منها، وقد نثير أحياناً بعض الأمور من باب النكتة، لكنها في حقيقة الأمر مظهر يجلي حقيقة وجود أمراض مزمنة لم نتمكن من التعافي منها وإن لم نبادر بالاعتراف بذلك صراحةً.

أترك تعليقاً

التعليقات