في المسكوت عنه.. الإخلاص أساس الدعوة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لقد أولى الشهيد القائد (رضوان الله عليه) عوامل بناء المجتمع اهتماماً كبيراً في ما احتوته سلسلة دروس ومحاضرات من هدي القرآن الكريم التي ألقاها طوال مرحلة البناء والتأسيس والاستنهاض للأمة الشاهدة، بالأسلوب الواضح والبين لغةً وفكراً، فأقام بذلك الحجة علينا بما لا يدع أمامنا أي عذر للتملص من المسؤولية، وبما يسد كل الثغرات الدافعة بنا صوب الغفلة والجمود.
لقد علمنا (رضوان الله عليه) أن الدعوة للتآخي والتعاون والإحسان إلى الناس وكظم الغيظ والتزام الصدق وصون الأمانة والحفاظ على حقوق الآخرين وتنمية وتعزيز الرحمة والمحبة في ما بينهم، ستظل دعوةً دائرةً في الفراغ مهما تنوعت أساليب عرضها وتعددت طرق تناولها من قبل الدعاة والمصلحين والعلماء، لأنها تفتقر إلى الأساس الذي يجعل تحققها واقعاً ملموساً والذي إن لم تنطلق منه وتستند إليه ستبقى تراوح مكانها في عالم الخيال والأحلام، وسيظل الحال كما هو إن لم يزدد سوءاً.
هذا الأساس هو ما تضمنته بنود بيعة العقبة الثانية، تلك البنود التي جمعت الأنصار على القضايا الكبرى والمصيرية، وهي التي بموجبها نالوا هذا الشرف من الله بتخليد ذكرهم وتقليدهم هذه التسمية التي لم ينلها سواهم، وعندما وعوها وأخلصوا لها انعكست نتائجها على نفسياتهم، وتآلفت قلوبهم وتعززت صلاتهم وقويت الروابط في ما بينهم، فأصبحوا الإخوة المتحابين بعد أن كانوا المتباغضين والمتناحرين، وبعد أن كانوا على شفا السقوط المترتب عليه خزيهم في الدنيا ودخولهم النار في الآخرة، وهكذا تم لهم الخير وشملتهم نعم الله لأنهم كانوا بمستوى الإسلام الذي التزموه وعلى درجة عالية من الاستعداد لتمثل برنامجه العملي والتربوي والجهادي في الداخل والخارج، ويمكن لنا أن نستوحي من ذلك كله أن إخلاصك للقضايا الكبرى سواءً في مواجهة الأخطار العسكرية والأمنية التي يحركها الأعداء ضدك بشكل خاص أم في مواجهة قضايا الوجود والمصير للأمة عامة، لن يكون حقيقياً ما لم تصبح نتائجه وآثاره منعكسةً على نفسيتك وتوجهاتك تجاه أبناء مجتمعك والمنطلقين معك في الطريق الواحد القائم على كلمات الله، فليس صحيحاً أن الاهتمام بالقضايا الكبرى يؤدي لحدوث خلل وقصور في القضايا المجتمعية والاقتصادية والعلمية والتربوية وغيرها من القضايا المرتبطة بالناس وحقوقهم وحاجاتهم، لأن القرآن يبين لنا أن هناك فرقاً بين الادعاء وبين الإخلاص، فمن يقوى على مواجهة التحديات الكبرى لن يعدم الوسيلة في إصلاح أوضاع الناس ومعالجة قضاياهم وتحقيق تطلعاتهم وتلبية حاجاتهم مهما كبرت أو صغرت.

أترك تعليقاً

التعليقات