لا لست مرجفاً
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يا ابنة الحلم الساكن دهراً بين جوانحي، والذي أنبت زروع الأمل بزمنك الحق الماحي لكل أزمنة الضلال والزيف في كل خليةٍ من خلايا جسدي، يا مهوى أفئدة العاشقين، ويا كعبةً اتجهت صوبها وجوه كل المعذبين والمقهورين في بلدي ولربما في أكثر من بلدٍ من حولي، أتيناكِ بين ساعٍ بكل ما أُوتيَ من قوةٍ، ومحلقٍ كالنسر في كبد السماء بما منحته من عوامل مكنته من امتلاك جناحين وقدرةٍ على الطيران كتعبير عن مدى إيمانه بضرورة الوصول إليك، متعالياً على كل جراحاته ومآسيه الحادثة قبل أن يراك تُومضين من خلف أستار الظلمات وحُجُبِ الغيب، هازئاً بكل القيود والكوابح التي وُضِعَت للحيلولة دون بلوغه الاتصال بك والتمثل لكل معانيك، وزاحفٍ على بطنه، وتارةً يسير حبواً كلما تملك قواه، واستطاع لملمة بعض من أجزاء ذاته المبعثرة في أكثر من اتجاه على هذه الأرض، جراء ما لقيه قبل مجيئك من امتهان وبغي وجور وعسف وظلم وتشريد وإفقار وغبن وتعدٍ وسجن وقتل لكل ما لديه من مضامين الكرامة ومظاهر الإحساس بالآدمية، فطافت حولك أرواحُ كل هؤلاء الآتين بطرقٍ شتى، والقادمين من أماكن مختلفة، وألسنتهم تهتف بشعار البراءة، وأياديهم متعلقةٌ بأستارك، وكي ينالوا رضاك، ويحوزوا السبق في القرب منك قدموا قرابينهم في سبيل الله وبين يديك باعتبارك كلمة الله العليا، ونقطة التحرر من كل مظاهر الشرك به عز وجل، فعلوا كل ذلك لعلمهم أن السبيل لإخراجك إلى الحياة كلها كالشمس في رابعة النهار يتطلب مدَ بساطٍ منسوجٍ من أشلاء فلذات أكبادهم، ومصبوغٍ بدم تضحيتهم القاني، كي يطيب لك المقام بينهم، بعد أن تجدي أثناء مسيرك على ذاك البساط الشواهد التي تشرح لك مستوى المكانة التي جعلوها لك دون سواك.
لقد قرأك كل حر حرفاً حرفاً، واستوعبك كلمةً كلمةً، ووعاك سطراً سطراً، مذ تلاك سيد البشارة خطاباً في أثر خطاب، ورفع صوته أذاناً من الله بدنو موعد قدومك حسين الجرف (رضوان الله عليه)، درساً درساً وملزمةً ملزمةً، إلى أن تكامل نضجك واشتد عودك بحذاري حذاري، وتم جمعك آيةً آية في صفحات وجوه المستضعفين، فتلتك الأعين باسم الله، من كل بقاع الدنيا، بدءاً من ساحات التواجد الثوري والاحتشاد الجماهيري، وصولاً لساحات الجهاد والعطاء صداً لكل قوى الاستكبار وفلول قوى الوصاية والاستبداد، والذي لانزال نعيشه ونرى كل ما يتعلق به، حتى اليوم.
وإذن، لم تصدين عن المستضعفين كلما أرادوا لفت انتباهك تجاه خطر خروج جمر ماضي الوصاية من تحت الرماد وبدأت بمزاولة نشاطها في إحراق كل تطلعاتهم وآمالهم؟! لم تنزعجين منهم عندما يمنحونك بعض الدفء الصادر من فرط غليان دمائهم السائرة بين مد وجزر في كل الشرايين والأوردة خشيةَ أن ينال منك جليد الاستهتار، أو تغمرك كثبان رمل اللامبالاة، فتصبحين كاللواتي سبقنك زمناً، وتصيرين سهلة المنال لكل أركان قوى النفوذ والاستبداد التي لاتزال موجودة ولها أكثر من نشاط وأكثر من دور؟
صدقيني، فأنا الواهب ذاته وكل ذات عزيزة عليه في سبيلك، فإن وقفت بوجه فاسد فلأجلك، وإن تصديت لظالم فذاك نتيجة التزامي بقيمك ومبادئك، وإن أبنت عجز عاجز أو فشل فاشل فمن حرصي على بقائك حيةً وفاعلة وقوية، أرجوك أنا منك ولست كما يصور لك الطلقاء والعابثون مرجفاً، ثقي، لا لست مرجفاً.

أترك تعليقاً

التعليقات