عدة حزب الله
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يقاتل المقاوم المجاهد في حزب الله بروحه لا بسلاحه، ولو أنه وضع كل رهانه على السلاح لخسر المعركة. فالسلاح حينما يكون في قبضة غير الرجال، وفي أيدٍ منزوعة الروح، لن يمنع عنك الهزيمة.
قليل من السلاح مع كثير من الروح يصنع معجزة النصر. لذلك سعى ويسعى حزب الله إلى تكثيف الروح وحماية الثقة في النفس وربط الوشائج بينبوع القوة، دون أن يغفل شريعة الإعداد المادي ما استطاع، وهو بهذا يكون قد أعد سنة النصر التي هي أصدق مصاديق الإعداد. فقوة الإيمان جلية لكن لا تراها عيون الحس، لأنها غير عاقلة. ومن من هذه الحواس العمياء تملك أن ترى جنود الرحمن؟! وبأي عقل تملك تمزيق حجب الخيال؟!
ولو أنها أدركت بعضاً من ذلك لكان لا بد أن ترى القوة في ما دون المتوقع، وليس في تضخم الحس. فكم وجب على الفهم أن يستبطن المغزى العميق للحقيقة! وهذا ما تجود به البصائر متى جاوزت قشرة الظاهر، ومزقت برؤية العين البصيرة حُجُب الخيال. فحينئذ لن ترى في العدم وجودا. وكما قال مولانا جلال الدين الرومي: «ومن تكون عيونهم منزلا للخيال والعدم، يرون المعدومات وجوداً».
قد يصعب على الكثير منا تفهُّم مثل هكذا أبعاد. وفي عالم الكثرة يحتاج الأمر إلى حد معقول من التعايش، رغم اختلاف الأحوال وتدابر المواقف والشؤون، فثمة مهزوم وثمة منتصر، ثمة جبان وثمة شجاع. والهويات متخالفة متنافرة، لكنها في مهبط عالم الخلق تفرض حداً من التعايش الضروري. والحقيقة تقول: إنه لن يأتي ذلك اليوم الذي تصبح فيه الهوية المقاومة هي ثقافة العالم بأسره.
ولكن يجب أن ندرك أننا في حضرة حزب الله، الذي يضعنا أمام حقيقة مفادها: إن في مقياس العرفان المقاوم تتغير المقاييس وتختلف الحسابات. إن الأقل يهزم الأكثر، والضعيف ينتصر على القوي؛ لأن قوة القوي ليست قوة إلا من حيث الصورة الخادعة والمؤثرة في الخيال. أما الضعف حينما يتحول بخيمياء العرفان المقاوم إلى قوة تستند إلى سرها الخاص، فإنها تقلب الموازين وتصنع المعجزات: «كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةَ بِإِذْنِ اللَّه».
أي أن هزيمة الأكثرية هنا ليست جزافاً، بل هي بعين الله، متى جعل المقاوم نفسه في محل القرب حتى غدا يرمي بيد الله: «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى».
إن التعالي باتجاه المطلق يجعل المقاوم العارف يستمد منطق قوته من الحق، ويمارسها في الخلق بالحق.

أترك تعليقاً

التعليقات