تساؤلات لها ما وراءها
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كل مَن يعرف الله حق معرفته، ويؤمن به سبحانه من منطلق الوحدانية المطلقة، يعي أن الدين الذي افترضه على العباد قد تم تغييبه عن العقول والقلوب، وتم محوه من الحياة والحركة الواقعية للناس في مختلف الميادين العلمية والعملية والسياسية والاجتماعية الخ... وأن ما هو سائد اليوم وعبر التاريخ وحاكم على الطبيعة والإنسان، هو دين مصنوع، دين الشرك، دين تم إخراجه إلى الطبيعة، بناءً على تحالف ثلاث قوى، هي: الحكام، وأصحاب المال والثروة، وسدنة المعابد والفقهاء، أي رجال الدين.
ولكي تدرك حقيقة ما ذهبت إليه: تعال وانظر إلى تاريخ دينك، وسيرة رسولك، كيف صاغهما هذا الثالوث المتحالف، ولقنهما لك؟!
وسنقدم بين يديك فقط شاهدا واحدا، وعليه فقس، هذا الشاهدهو ما قدموه لك باسم الهجرة إلى الحبشة. فهل كان هناك بالفعل هجرة إلى الحبشة؟
يورد الكاتب والباحث نشوان دماج في كتابه الرحمن اللغز الأكبر، هذه القضية، ويفندها من كل الزوايا، مثبتاً بما لا يحتمل الشك أنها حادثة مختلقة. فعندما يقف المرء على ما أورده الرواة بهذا الخصوص، يجد عدة أمور لا يمكن القبول بها لدى العقل السليم!
أولها ما يراه من اضطراب وارتباك لدى هؤلاء الرواة وهم يقدمون لك هذه الحادثة، التي قالوا: إنها نتيجة لاشتداد أذى المشركين على المستضعفين من المسلمين، ولكن كيف تكون هنالك هجرة إلى الدولة التي قيل لنا من قبل هؤلاء الرواة أنفسهم: إنها سعت إلى هدم الكعبة؟ وكيف لم يكن المسلمون على علم بهذه البلاد على الرغم من قربها منهم، وحادثة الفيل لاتزال حية في ذهنيتهم، على الأقل سيتذكرون ما يحمله ملكها من عدوانية لهم وبيت ربهم؟ لماذا افترضته الروايات عادلا، وهو من الظلم والطغيان بالمستوى الذي دفعه لهدم أقدس مقدسات دين الله في الأرض؟
ولو تجاوزنا كل ذلك، وسلمنا بصحة هذه الحادثة، وضربنا عن كل تلك التساؤلات صفحاً، ثم نظرنا بالشخصيات التي قدموها لنا كصاحبة لهذه الهجرة، فما هو الأمر الذي سيتضح لنا أكثر؟
هل سنجد هؤلاء المهاجرين الذين جاء لهم الفرج من الله عن طريق نبيه بالأمر لهم بالخروج مما هم فيه من عذاب بلالاً وأمه، وياسراً وزوجه وولديهما، وخباب وعامرا وزنيرة وسواهم من الذين كانوا يعذبون في رمضاء مكة ليل نهار؟
أم أن هؤلاء كان نصيبهم البقاء في جحيم الشرك، والقتل والقهر والتنكيل أمور كتبت عليهم، وقدر من الله لا سبيل للخروج منه؟ فلك يا بلال الصخرة، ولكم آل ياسر القتل يناله بعضكم، أو معظمكم، ليبقى عمار فقط على قيد العذاب، ولا سبيل له إلى النجاة، فصبراً صبرا؟!
والآن، مَن هم هؤلاء المخصوصون بهذه الهجرة؟ وما دلالة اقتصارها عليهم؟
تساؤلات لها ما وراءها، ولها مبرراتها، تساؤلات قد تعطي وقد تأخذ!
فإما أن تعود بعدها مؤمنا بالله، كافرا بالرواة والمحدثين، وإما مؤمنا بهم كافرا بالله، مكذبا بالرسول والرسالة.

أترك تعليقاً

التعليقات