معرفـة الوعد والوعيد
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
في واقعنا الكثير من القضايا التي تحتاج إلى ضبط وتصحيح وفقاً لما يتضمنه المنهج القرآني من مبادئ، وتبعاً لما يحدده من خطوط للسير ويرشد إليه من وسائل للتنفيذ على أرض الواقع، بعيداً عن الأهواء والرغبات والأمزجة التي يفضل البعض الاحتكام إليها ويسارع بالعمل على ضوئها، مكتفياً بالتزام العناوين فقط دون أن يكون لكل ما يقوم به صلة بالمضمون نهائياً، الأمر الذي يدفع البعض لتأييد مثل تلك التصرفات والأعمال نتيجة جهلهم بالنهج، وظناً منهم أنها تصب في خدمة التوجه العام الذي ينشد التغيير والإصلاح على أوسع نطاق، مع أنها تهدم دون أن تبني، وترجعنا خطوات كثيرة إلى الخلف، لكونها تسعى لفرض التغيير من خارج الذات ضاربة بالقناعة عرض الحائط، مما يجعل التغيير شيئاً طارئاً لا يقدر على البقاء والاستمرارية لأنه يستند إلى عوامل لم تراعِ جانب الإرادة التي تربي لدى الفرد والمجتمع النوازع وتصنع لديه الرغبة والتوجهات وفقاً لما يلتزمه من مبادئ ويحمله من أفكار، بحيث تدفعه هذه الإرادة إلى أن يبني المظهر الخارجي للواقع كله تبعاً لما يقوم عليه مظهره الداخلي.
كما لا بد من تعزيز مبدأ الثواب والعقاب لأن الواقع العملي مليء بما يحفز لدى العاملين الخضوع لنداء الغريزة والاستجابة لنوازع الذات والانصياع لدوافع الطمع والأنانية، مما قد يؤدي إلى الانحراف عن الحق ومجانبة الهدى والخير، ولأن الإرادة القوية تحتاج إلى عوامل خارجية لحمايتها لكي يستقيم الواقع تبعاً لاستقامة الذات، وليس هنالك شيء يضمن حصول كل ذلك مثل العمل على تعزيز معرفة الوعد والوعيد من الله لعباده أبداً، إذ بهذا فقط تحصل الاستقامة ويعم الصلاح في كل شيء، فلا يمكن لمن عرف ما أعده الله للمؤمنين ووعد به عباده الصالحين أن يخضع لغريزة أو يندفع وراء رغبة أو ينجر نتيجة طمع، وكذلك الأمر مع ما توعد الله به الجاحدين والمعاندين والمخالفين، إذ يستصغر الإنسان كل نعيم في الدنيا وراءه الجحيم في الآخرة.

أترك تعليقاً

التعليقات