بوابة التمكين والغلبة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ندري أننا أمام عدوٍ مستكبرٍ مفسدٍ ظالمٍ حاقدٍ طاغٍ باغٍ غشوم، عدوٍ يستند في تفكيره وسياسته وبرامجه وخططه التدميرية للبشرية كلها إلى تاريخ طويل حافلٍ بالإجرام، والفجور، مليء بمشاهد التعدي على شريعة الله، بقتل أنبيائه، وتحريف كتبه، واستعباد عباده، زاخر بشواهد السقوط الأخلاقي، والتدني السلوكي والفكري إلى ما هو أحط من البهائم، الأمر الذي وفر لهذا العدو المادة التي تمكنه من صياغة نفسه وفكره وتوجهاته على صورة تلك النماذج الكافرة والمنحرفة، من الفرق والأقوام والجماعات والأفراد الموجودين عبر التاريخ.
ونعي تماماً أن اليد العليا التي تحرك هذا العدو بمختلف مكوناته، وأعراقه وجهاته وانتماءاته وادعاءاته هي: يد اليهود دونما شك في ذلك، فهم الأعداء التاريخيون للحق والعدل، والمصنع الأول، والمادة الخام الأساسية لإيجاد كل المنحرفين والمستكبرين والظالمين في كل زمن، ومع كل جيل إنساني، وأداة الهدم الكبرى التي تقف وراء تحطيم الحضارات، وشيطنة الفكر، ومسخ العلوم والمعارف، وتجريد الإنسانية من كل مقوماتها، وتسخير كل شيء في الوجود لصالح هذه الفئة المنحطة الملعونة.
ومادام أننا نتحرك على أساس الالتزام بهدى الله، ومن واقع الإيمان به وبكتبه ورسله وملائكته واليوم الآخر، شاهدين على أنفسنا بالتصديق، وقاطعين أمام ربنا العهد بالتبني لرسالة رسله، وإكمال ومواصلة طريقهم، والالتزام بتعاليمه الواردة في كتابه العزيز، فإننا سنواجه ذات العدو الذي جحد برسالة موسى، وكذب بنبوة عيسى، وكفر برسالة خاتم الرسل والنبيين، محمد عليه وآله وعليهم الصلاة والسلام أجمعين.
إذن فإن المواجهة ستكون واسعة بسعة هذا الكون، شاملة لكل جانب من جوانب الحياة، داخلة في كل لون من ألوان العلاقات والمعاملات والثقافات والأنشطة الأخرى، ولكلٍ من طرفي المواجهة ما يعينه على تنفيذ مشروعه، وفرض رؤيته وسياساته وقوانينه على الواقع، إلا أننا الأقوى، في حال اعتمدنا على الله، وتوكلنا عليه، ووثقنا به، والأقدر على كسب الساحة كلها لصالحنا، وفي خدمة مشروعنا، ولكن بشرط: أن نستوعب كل الدروس والعبر التي زخرت بها مدرسة الأنبياء، ونستفيد من جميع تجاربهم، وننظر إلى ما بين أيدينا من الكتاب النظرة التي أراد لنا الله أن ننطلق إليه منها، بحيث يصبح هذا الكتاب كتابا للحياة بجميع تفاصيلها، عندها سندرك أن بوابة القيام لله، ونقطة التمكين ووراثة الأرض، وتحقيق الغلبة على اليهود: تبدأ من الارتباط بكتاب الله، ارتباطٌ لا يتجمد عند القدرة على استنطاق الآيات في المجال التعبوي والتثقيفي فحسب، وإنما ينطلق من وحي الشمول الذي يزخر به هذا الكتاب، ليوجه نشاطه وحركته باتجاه بناء الحياة الشاملة، والتي لن تتم إلا متى ما توفرت الإرادة الجادة لفتح الكتاب الآخر الذي جعله الله مصداقاً لكلماته، وبياناً لمضامين وحيه، وشاهداً على قدرته، وسعة ملكه، وعظيم سلطانه، وهو كتاب الكون، بكل ما فيه، والغفلة عن دراسته غفلةٌ عن القرآن، وكفر وجحود بآيات الله وتعاليمه، وإهمالٌ للكثير من الأسلحة الوقائية والهجومية التي لا يستطيع امتلاكها إلا مَن درس هذا الكتاب الكوني، وأدرك نظمه وأسراره، وتفاعل مع ما سخره الله له فيه، وأجراها في رضا ربه، وأعطى الحياة من حوله كل البراهين التي تثبت مدى استحقاقه لمنصب خليفة الله، وتشرح عمق جدارته بهذا المنصب والشرف.
وعليه فليس هنالك من علوم شرعية، وأخرى غير شرعية أو محرمة في ديننا، وإنما هناك شريعة يجب عليها أن تقود الحياة، وتغني الإنسان، بتلبية كل احتياجاته، لذلك فإن الكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم الطبيعية، أو التي تهتم بدراسة الإنسان لدى القرآني جزءٌ من عقيدته، وأصل من أصول دينه، وبالتالي فإن تركها، وعدم الاهتمام بها خيانة للدين، ومشاركة قوية للعدو في نجاح مشروعه التدميري للأمة، وإسهام فاعل في إخضاعها لسيطرته وحكمه ونفوذه، وتذليلها له، كي يمتطيها بيسر ودون أي عناء أو مشقة.

أترك تعليقاً

التعليقات