خفايا زمن الوصاية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لم يعد الحديث عن الماضي القريب في واقعنا، لاسيما ذاك المتعلق بزمن الوصاية والعمالة والذي استمر لنصف قرن من الزمن، كما يقول الباحثون والمهتمون، حديثاً ذا جدوى، وذلك لسببين هما:
أولاً: أن الكثير من القضايا المصيرية والحقائق التاريخية لاتزال قيد الإخفاء ولا يمكن لها أن ترى النور، لأن المسار السياسي وما يرتبط به من علاقات وتفاهمات ولقاءات وتقاربات هو الذي يتحكم بالمسار الثقافي والمعرفي، ويعمل على تغييب الكثير من الحقائق إرضاءً لرغبة شريك سياسي أو حليف، وحرصاً على كسبه إلى صف الثوار، أو على الأقل أن نسلم شره.
ولا شك أن مثل هكذا توجه له أضرار كثيرة باعتبار ما سينعكس على الواقع كله وما سينتج من آثار وتبعات ستترك بصمتها على الحاضر والمستقبل، وإن لم يكن سوى وجود جيل من الثوار لا يعيش الاستقلالية في فكره وقناعاته، وليس لديه أدنى قدرة في تحديد الفارق بينه وبين الآخرين، مما يؤدي في النهاية إلى التماهي مع الخطوط والتيارات المنحرفة والانخراط معها في أعمال وممارسات تلغي الفواصل الفكرية وتهدم الثوابت الأخلاقية والقيمية والدينية، حيث إن الثوار لم يعودوا يرون عناصر تميزهم عن الآخرين ذات جدوى نتيجة جهلهم بتاريخ وثقافة الآخرين هؤلاء الذين سيجرونهم إلى نقطة الصفر.
ثانياً: غالباً ما ينطبع حديثنا عن حقبة الوصاية والتبعية والعمالة بطابع العرض المجرد الذي يقدم القضية بمعزل عن إمكانية الاستفادة منها، إذ نغفل عن العناصر التي قوضت بنيان تلك الأنظمة، ونتجاهل العوامل التي هدمت قواعدهم وأسهمت في إسقاطهم من الداخل قبل أن يسقطوا في الواقع، كما أننا لانزال نستغرق في تجارب أولئك دون أن نتحرك للقيام بمسؤوليتنا، فقد ورثنا الأجواء والإمكانات التي بإمكاننا أن نقدم شواهد على فساد وبغي وظلم من سبقونا في ما نقوم به من أعمال ونجريه من إصلاحات ونتخذه من معالجات، لأن الناس سئموا الأقوال والمواعظ وباتوا يعشقون الأفعال والمواقف.

أترك تعليقاً

التعليقات