كيف والفرق شاسع؟!
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
دأب المنقلبون على أعقابهم، الناكثون لعهد الله عبر التاريخ، على التمترس خلف كل ما يوحي بالعظمة والقداسة، ويعبر عن الحق والعدل والكمال؛ ولكن دون أن يلمس الناس تجليات تلك الأشياء التي يتمترسون خلفها في واقعهم، وشيئاً فشيئاً تفقد عظمتها وجاذبيتها في نفوس الناس، وتصبح علاقتهم بها علاقة شكلية، باعتبار ما ألفوه واعتادوا عليه، فليس سوى شيء من الوهم، يتعاطون معه لمجرد التسلية والقضاء لأوقات الفراغ!
وهكذا تصبح آيات الله، ومبادئ دينه وأسسه ومعانيه ومظاهره، سوطاً لجلد عباده، الذي ما شرع سبحانه هذا الدين إلا لتخليصهم مما هم فيه من شقاء وظلم وفقر واستعباد وسخرة، وسيفاً مصلتاً على رقابهم، بفعل إمساك الذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله، لزمام الحكم، ويجعلون علاقة الناس بالرسل والهداة علاقة عرق ونسب، كل ذلك ليتمكنوا من فرض سطوتهم، ومد نفوذهم، وتعزيز قوتهم على الواقع، باعتبارهم ديناً يدين به الناس لله.
ولقد قرأت قبل أيام خبراً عن نائب في البرلمان الإيراني؛ جعلني أتمنى أن أقول بعد قراءتي له: هذا موجود عندنا؛ ما بش أحد أحسن من أحد؛ إذ جميعنا يجسد مبدأ الانتماء لمدرسة الولاية؛ ولكن كيف والفرق شاسع؟! ففي إيران المسؤول خادم للشعب، والمسؤول عندنا لا يقر له جفن حتى يضمن حصول أولاده وجميع ذويه، وأهل قريته ومنطقته على كل شيء، فمثلهم لا يجوز أن يأكلوا إلا من كد وعرق الشعب، الذي من الشرف بالنسبة له أن يظل خادماً لدى المسؤول وذريته وقبيلته وكل المرتبطين به!
ربما لأن إيران لا تزال بعيدة ملايين السنين عن اللحاق بنا! وهذا فقط شاهد على تخلفهم وتقدمنا في فهم معنى «الولاية». تقول الأخبار:
وفاة شاب إيراني يُدعى أمير محمد الموسوي إثر حادث وقع أثناء عمله كعامل توصيل في مطعم «ديلفري»، وبعد الحادث تبيّن أن الشاب هو ابن أحد نوّاب البرلمان الإيراني، وكان يعمل دون الكشف عن هوية والده!
النائب يقول: «نصحتُ ابني: يا بني، كن مثلاً للآخرين، ولا تُخبر أحداً بعمل والدك. ابني عاش في منطقة محرومة، وقبل وظيفة في مطعم ليكسب عيشه».
وحتى صاحب المطعم لم يكن يعلم أن المرحوم الشاب هو ابن نائب المنطقة.
هذه تربية الولاية بمعناها المغلوط(!!)؛ فالولاية الصحيحة نحن مَن يتمثلها؛ إذ تعطي في ما تعطيه لي كمسؤول القوة والنفوذ والسطوة، وتكسبني وذريتي وأبناء عمومتي الحق في الحكم والوظيفة والثروة والعيش بكرامة، وفعل ما أريد، وإخضاع كل شيء لإرادتي!!
وهكذا نخشى أن نبقى «الأخسرين أعمالاً» من بين كل مَن يتولى علياً (ع)!!

أترك تعليقاً

التعليقات