مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ها نحن نلتقي مجدداً عزيزي القارئ، مع كتاب "الرحمن، ذلك اللغز، قراءة تحليلية للاسم في ضوء المصادر"، للباحث والأديب نشوان محسن دماج.
وفي هذه النفحة سنرى كيف يفتح الله على يد المرء ما انغلق من الأمور، ويأخذ بيده إلى جادة الصواب في رحلته الباحثة عن الحقيقة العلمية أو التاريخية أو اللغوية أو العقائدية أو الأدبية، مادام ودافعه في البحث رحمني محض؟! وذاك ما كان فعلاً مع مؤلف هذا الكتاب، الذي كانت غيرته على القدسية والعظمة الإلهية هي التي وضعت أقدامه على بداية الطريق، إذ هزه وأثار عقله وعاطفته ما وجده من ترجمة هزيلة لاسم الرحمن، في اللغتين الألمانية، والإنجليزية، وصاحب الكتاب ضليعٌ باللغتين إلى جانب لغته الأم، ولاسيما باللغة الألمانية. لذلك أبى أن يظل معنى اسم الرحمن أسيراً لذلك المعنى الهزيل، الذي حصر هذا الاسم بمعنى الرقة أو الشفقة لا غير، الأمر الذي دفعه للبحث عن المعنى الحقيقي للرحمن من خلال القرآن.
هنا السر
لماذا فكر صاحب الكتاب بالبحث في القرآن، ولم يفكر بالبحث في كتب اللغة واللغويين، وكتب التفسير والمفسرين؟ ألم يكن بوسعه أن ينافح بما سيحصل عليه عندهم من تخريجات واستفاضات دلالية كافية لإخراج الرحمن في الترجمة من ذلك المعنى الهزيل الذي وجده في لغتين عالميتين؟
هنا السر. هنا تتدخل يد القدرة الرحمنية لتقود نشوان إلى ما يريد له الرحمن القيام به، ولو سألت نشوان عن معنى الرحمن قبل اليوم؟ لأجابك بما هو مألوف وموجود في بطون الكتب، ومعلوم في العقول والأذهان: وهو أن الرحمن يفيد معنى الرحمة ذاتها التي يفيد بها، ويعبر عنها الاسم الرحيم.
مكث صاحب الكتاب مع الآيات التي ورد فيها هذا الاسم العظيم، طويلاً، وعاد وفي يده فأس خليل الرحمن، ليهدم الأصنام. ولكن أي أصنام؟
أصنام اللغة والتفسير، أصنام جعلت الرحمن والرحيم بمعنى واحد، ولا علاقة لمعنى أيٍ منهما بالآخر لا من قريب ولا من بعيد!
ولكن كيف يجرؤ المؤلف على قول مثل هذا، ونحن نعي ماذا يعني ذلك؟!
ألا يعني فتح جبهة حرب كبرى بينه وبين اللغويين والمفسرين هو في غنى عنها؟ أليس من المتوقع أن ينهال عليه الجحيم من كل جانب؟ ألم يتهمه كبار الدارسين والأكاديميين والمعممين بالجنون؟ أما فكر بعواقب وتبعات الصدمة الذي سيحدثها كتابه في العقل الجمعي القطيعي؟
كل ذلك سوف نعرفه، وقبل أن نصل عليك عزيزي القارئ أن تعرف: أن أي حقيقة قرآنية ستواجه بالرفض حال ظهورها، ولكنها حتماً ستزهق الباطل، وتدوم وتسود ولو بعد حين.

أترك تعليقاً

التعليقات