خُلُق المجاهدين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
بالمجاهدين فقط تستطيع أن تعرف ما الذي يجب عليك فعله برغم اختلاف وتعدد ميادين العمل، وبالمجاهدين لا سواهم تستطيع أن تقيم نفسك وتقيم مَن وما حولك من أشخاص وأعمال ومؤسسات، لأنهم الربيون الذين صُنِعوا بعين عناية رب السماوات والأرض، فلم يعترهم نقص في خُلُقٍ ولا في دين، لذلك لا تكاد تستمع لكلمةٍ تصدر على لسان أحدهم إلا وتجد أن تلك الكلمات قد تملكت عليك وجدانك ومشاعرك، ليس لكونها صدرت من أديب أو شاعر، أو لكونها جاءت على لسان عالمٍ باللغة العربية محيطٍ بكل الأساليب البلاغية التي تجعله قادراً على جعل لسان المقال مطابقاً للسان الحال، وإنما لكونها صدرت من لسانٍ صاحبُهُ عرفَ الله حق المعرفة، فأصبحت علاقته بالإنسان والكون بكل ما فيه من مخلوقات ومظاهر تقوم على أساس معرفة الله التي هي سبيله لمعرفة كل شيء ومعرفة ما يجب عليه القيام به تجاه كل شيء، ولذلك نجد أن كل ما يقولونه يجعل مَن يستمع إليه يشعر بالصغار مهما كان علمه ومهما كانت خبرته ومعرفته وثقافته، فما أحوجنا لهذه المدرسة العظيمة، وما أفدح خسارتنا أن قصرنا في الاستزادة من معارفها والتتلمذ على يد رجالها، لاسيما والكثير اليوم تأخذه نفسه بعيداً عن طريق المجاهدين، فبدلاً من زيادة التواضع للناس تأسياً بالمجاهدين نتيجة الانتصارات المتتالية، تجده يتحدث بغرور وعنجهية وخصوصاً بعض الإعلاميين وخطباء المساجد، ولا بأس هنا من التوقف قليلاً عند موقف لخطيب وموقف لمجاهد لنعرف الفارق.
قادتني خطاي في جمعة من جمع الربيع المحمدي لصلاة في أحد المساجد، لكنني تمنيت أني لم أكن قد وصلت إلى ذاك المسجد، لأن الخطبة من أولها إلى آخرها تكفير وتفسيق وشتم وتوبيخ، إلى الحد الذي وصل هذا الخطيب فيه أن يصدر فتواه بأن من لم يعلق زينة في بيته أو محله هو منافق فضحه الله.
وفي المقابل، تأتيك مشاهد الإعلام الحربي بآيات من "ربيع النصر" تتجلى خلالها رحمة المجاهدين بالناس كل الناس، وحرصهم على الأسرى من المرتزقة، والعمل على توفير كل ما بإمكانهم توفيره لتأمينهم ومداواة جراحاتهم وإطعامهم، كل ذلك بحب واستشعار للمسؤولية.
فمَن هو الجدير بتمثيل دين الله؟ شخص جعل منبر المسجد وسيلة لتفريق الناس باسم الحق، أم شخص جعل الأرض مسجداً واتخذ من متراسه منبراً لإيصال رسالة الحق والعدل والتوحيد إلى كل العالم؟!

أترك تعليقاً

التعليقات