أذانٌ من الثورة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
عيون حكومة التصريف، وساسة الوضع المزري؛ مفتوحةٌ لرصد مَن بقي من الأحرار دون قيد، وأجهزتهم في أتم الجاهزية والاستعداد للجم كل لسان، وكبح كل يدٍ تشدو بمبادئ الثورة، وتسطر معانيها، وتفتح أمام رجالها الآفاق، وتكشف لهم منابع الخلل، ومنابت الشر، وهوامير الفساد. فما أشد وأقسى لحظةَ الشعور بالغربة والضياع!
هذه ثورتنا فكيف تنكرت لنا؟
هكذا يقول اليوم خالد العراسي ومَن تلاه من الأحرار إلى غياهب السجون، وكأني بهم مصغون إلى أنفسهم كلٌ على حدة، وهي تقول: مَن الملوم سواك أيها المتقلب في بساطٍ من أحرفٍ من جمر؟ ومَن المسؤول غيرك عنك أيها القاضي مدةً من العمر سجيناً في سجن الأوهام المبني من الشعارات الرنانة، والمفاهيم الحقة، والمبادئ العليا والسامية، والقيم الفضلى، والمعاني الصادقة، والمواقف الجليلة، والمضامين الوحيانية المقدسة، التي كما تعرف يا أنتَ لم تجد لها حملةً جديرين بصونها، والدفاع عنها، وتبليغها للناس، وتعميمها على الواقع، وبناء الحياة على ضوئها؟
جاهلٌ أنتَ بتاريخ النبوات والرسالات الإلهية، وناسٍ أو متناسٍ لتاريخ الأئمة الأعلام، والقادة الهداة إلى سبيل الرشاد، لذلك غفلتَ عما يفعله الأحبار والرهبان اليوم، ولم تلفت انتباهك كثرة السقائف التي يضج بها الواقع، والمتحكمة بكل ما يجري في مختلف ساحات وميادين ومجالات الحياة والأحياء، والمنتجة في كل ساعةٍ من ليلٍ أو نهار للعشرات ولربما المئات من المعتنقين للدين، والملتزمين بعبادة الله رب العالمين بناءً على ما تقرره العقلية التجارية التي اختصوا بها دون سواهم. صحيحٌ أنك قد خُدِعتَ بمظاهرهم الموحية بالزهد في كثيرٍ من الأحيان، ووقفت على السطح في معرفة شخصياتهم وتفكيرهم وأهدافهم، ولكن ذلك لا يعفيك من المسؤولية، ولا يسقط عنك شيئاً من الواجب، ولا يبرئك من الجريمة، ويدفع عنك الذنب، فقد كان الأحرى بك أن تبحث بين الناس عن كم سعدٍ حتى اللحظة قتلته الجن، وكم أبي ذرٍ تم نفيه إلى الربذات التي لم تعد تحصى، وكم عمارٍ يتم ضربه بلا رحمة في كل مكان وعلى مدار الساعة مادياً ومعنوياً، وكم طلحة وزبير وعثمان وعبدالرحمن لدينا، الذين لهم الحق في تملك القصور، وامتلاك أقوات الناس، والتحكم في مصائرهم وأرزاقهم.
ليتك تدرك كم لسجنك من أثر على كل مزرٍ! فسجنك أذانٌ من الثورة إلى كل حر؛ بأن يعلن براءته منهم، ويقف لمواجهتهم بالحق، ويشهد على كل ما يقترفونه بحق الثورة والشعب بالعدل، فاثبتْ كي تثبت الحقيقة، وينقشع الباطل، ويذهب الزبد، ويدوم ويمكث في بلدك ما ينفع الناس.

أترك تعليقاً

التعليقات