عربون عمالة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
قبل أشهر من اليوم احتفى الأحرار بديوانين شعريين، من أعمال أديب اليمن ومفكرها الرائي عبدالله البردوني رحمه الله، وقد كان هذان الديوانان ضمن مجموعة من الأعمال الأدبية والتاريخية والفكرية التي حُكم عليها بالضياع والموت من قبل نظام الوصاية والتبعية والعمالة، الأمر الذي جعل من لحظة خروجهما إلى النور لحظةً ثوريةً بامتياز، لأنها أعادت الاعتبار لجزء من الفكر اليماني الأصيل أولاً، كما مثلت بداية طيبة في طريق العمل على إنصاف عاشق بلقيس البردوني، وإعطائه بعض ما يستحق من التكريم، وذلك من خلال الاهتمام بنتاجاته وأعماله المختلفة، لاسيما ما كان منها قد وُضِعَ قيد النسيان، كما هو الحال مع ديواني «رحلة ابن مَن شاب قرناها»، و«العشق على مرافئ القمر» ثانياً.
وقد استبشرنا خيراً بظهور هذين العملين الشعريين، متطلعين إلى لحظة خروج كتاب «الجمهورية اليمنية»، ورواية «العم ميمون»، وغيرها من الأعمال والمؤلفات التي وردت الإشارة إليها، مع ذكر أسمائها على لسان البردوني نفسه، في مقابلات تلفزية، ولقاءات صحفية، وحلقات إذاعية، وتحدث عنها الكثير من طلابه ومريديه وجلسائه وقرائه أكثر من مرة.
وبقدر ما كنا مسرورين بوجود مثل هكذا خطوة، وجدنا في ما اشتملت عليه من معانٍ ودلالات: مشهداً من المشاهد التي توثق شيئاً من الانتصارات الثورية في ساحة المعركة الثقافية والفكرية، والتي هي بالطبع امتدادٌ للانتصارات السياسية والعسكرية، وانعكاس طبيعي لها، فقد وجدنا المرتزقة والخونة المنافقين، المتسكعين في شوارع القاهرة وإسطنبول، والنازلين في فنادق وشاليهات وحانات الرياض وأبوظبي في حالةٍ رهيبة من الانهيار والتيه والتخبط والهستيريا، ينظمون الحملات الإعلامية للتشكيك بهذين الديوانين، من حيث التسمية والنسبة والمحتوى، ويعقدون الندوات الرامية لتبديد ضوء الشمس في رابعة النهار، ويطلقون كلابهم المسعورة للنيل من كل مَن كان له إسهام بإنجاح هذا المشروع الثقافي والثوري والحقوقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لأنهم رأوا البردوني يعود من جديد، ليدق آخر مسمار في نعش مشروع العمالة، وثقافة التبعية والارتهان، وأدركوا من خلال إطلالته الشعرية القديمة من حيث تاريخ صدورها، الجديدة من حيث انفتاحها على آفاق ثورة الحادي والعشرين من أيلول المجيدة، ودعمها وإسنادها لكل ما تسعى إليه الثورة في كل الميادين أن لا أمل لعودتهم إلى سدة الحكم بعد اليوم، مهما كابروا وعاندوا وسوفوا، فعادوا منكسرين، يجرون أذيال الخيبة والهزيمة كالعادة، ويتجرعون مرارة الفشل تباعاً.
ولكن ما هي إلا أيام حتى امتدت يدٌ خفية من الداخل الحر، لعزل رئيس الهيئة العامة للكتاب، عبدالرحمن مراد، الذي كان له الدور الأبرز في خروج العملين الشعريين المذكورين آنفاً إلى النور، وصاحب النصيب الأوفر من السباب والشتائم التي أطلقها المنافقون في حملاتهم التشكيكية الخائبة، هذه اليد دفعت بالشيخ واللواء الكبسي وزير الثقافة التي لا يعرفها، ولا تعرفه، إلى الواجهة، من خلال تبنيه لقرار العزل، لتقول تلك اليد للمرتزقة عبر شيخ الثقافة: لن تعودوا دون تحقيق مرادكم، من وراء حملاتكم تلك، وها نحن نهديكم نبأ عزل مراد الجاني الأول في التعدي على مشاعر وثقافة العمالة، كعربون عمالة جديد بين خونة الخارج، وجهلة الداخل.

أترك تعليقاً

التعليقات