هل المرأة شر؟!
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كنا في أحد الأيام في جلسةٍ نقاشيةٍ حول المرأة، وكان ذلك المجلس الذي ضمنا يكاد يفتقر لمن يتمتعون بذرة من عقلٍ أو منطق، ليتسنى لمن يحاورهم تصحيح ولو جزء من أفكارهم الخاطئة وثقافاتهم المغلوطة، ولعل ما صدمني حينها هو استشهاد أحدهم على ما يدعونه جميعاً بقصيدةٍ لأمير البيان الإمام علي بن أبي طالب (عليه من الله أزكى السلام)، تذم المرأة وتزدريها أيما ازدراء، لكنني سارعت لإبداء وجهة نظري حول تلك القصيدة التي لا تتفق مضموناً ولا شكلاً مع فكر ومنطق أمير المؤمنين علي (كرم الله وجهه)، ونتيجةً لوجهة نظري تلك التي لا أزال متمسكاً بها حتى هذه الساعة فقد لقيت ما لقيت من الكلام اللاذع والبذيء من قبل أولئك، لأنهم يجهلون القاعدة العظيمة التي وضعها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومضى عليها جميع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وهي قول النبي صلى الله عليه وآله: «ما خالف كتاب الله فهو زخرف». وقد جاء عن أئمة أهل البيت أكثر من حديث يؤكد هذه القاعدة ويعممها كمنهجية يجب التزامها من قبل أشياعهم في كل زمانٍ ومكان، لأنهم (سلام الله عليهم) كانوا يعرفون أن أيادي الوضاعين وألسنة الكذابين ستعمل على دس كل ما يتعارض مع نهجهم وسيرتهم ويشوه تراثهم، وسيتقولون عليهم بما لم يقله أحدٌ منهم.
وهناك روايات أخرى يدعي رواتها ظلماً أنها عن الإمام علي (عليه السلام)، منها هذه الكلمة التي تقول: «المرأة شرُّ كلها وشرُ ما فيها أنه لا بد منها»، وهذه العبارة يستحيل عقلاً ونقلاً أن تكون قد صدرت عن الإمام علي (عليه السلام)، لعدة أسباب:
أولاً: لأن سيرته سلام الله عليه، تثبت عكس ذلك، فهو الذي كرم المرأة أيما تكريم، وعمل على حفظ كرامة الإنسان كله، رجلاً كان أم امرأة.
ثانياً: إن هذه الرواية تتعارض مع القرآن الكريم الذي يبين الله تعالى فيه أنه خلق الإنسان على الفطرة وبين له طريق الخير وطريق الشر وجعله مختاراً في ما يتعلق بحياته ومصيره الأخروي، وقد سبق أن بينا أن كل كلام ينسب إلى أهل البيت يتعارض مع القرآن ليس منهم ولم يقولوه طبقاً لقاعدة: «ما خالف كتاب الله فهو زخرف».
ثالثاً: لو سلمنا من حيث الأصل بأن المرأة شر كلها باعتبار طبيعتها التكوينية، فلماذا سيعذبها الله وهو الذي خلقها هكذا؟ وجعلها مجبولة على الشر، وهذا يتنافى مع عدل الله سبحانه، ثم ما معنى «وشر ما فيها أنه لا بد منها»؟ إذ لا يمكن لأي عنصرٍ يعتبر وجوده سبباً في بقاء الحياة واستمراريتها أن نحكم عليه بالشر، بالإضافة إلى أن مسألة الإغراء لا تختص بالمرأة فكم من النساء قد صرن ضحايا الإغراء الذي يمارس عليهن من قبل الرجال.

أترك تعليقاً

التعليقات