محاذير يجب تخطيها
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ينتابك الخجل من نفسك ككاتب أو كمتحدث حينما تفكر ولو مجرد تفكير بتناول قضايا ومشكلات وهفوات وسقطات واختلالات موجودة في واقعنا الداخلي، نتيجة وجود بعض القاصرين والمقصرين والحمقى والمغفلين والعاجزين وناقصي الوعي والمعرفة في الإدارة والإعلام والتربية والتعليم والتثقيف والأمن، وفي كل الجهات السياسية والاجتماعية وسواها، إذ كيف تتحدث عن سقطات فلان، وتجاوزات علان، أو تثير قضية أو مشكلة تسببت بها حكومة الوضع المزري هنا أو هناك، في الوقت الذي حاز سيد ثورتك وقائدها، وشعبك وجيشك ومجاهدوك على الصدارة والفوز دون منازع بالوصول إلى أعلى مراتب العزة، وبلوغ قمم وذرى المجد والشرف والشجاعة والغيرة، وترجمة كل معاني الانتماء للدين والوطن والعروبة والإنسانية، من خلال الدخول في مواجهة مع الصهيونية والاستكبار، نصرةً لغزة والقدس وكل فلسطين؟ بمعنى آخر؛ كيف تثير قضايا صُغرى، ومشكلات جزئية، وأمورا ثانوية في الوقت الذي أنت معنيٌ بالدفع نحو التمسك بقضيتك الكبرى، ومطالب بمساندة الصادعين بالحق، والصادين للبغي والطغيان والإجرام والفجور والظلم الأمريكي والصهيوني وكل قوى الغرب المتصهين، لاسيما وقد باتت المعركة معهم وجهاً لوجه، ودون أقنعة أو قفازات أو أحذية إقليمية أو محلية منافقة عميلة؟ وكيف تغفل عن الإسهام بالكلمة الصادقة، والفكرة المحركة النابهة الموقظة في معركة كل سلاحٍ فيها مطلوب؛ لأنها هي معركة الفصل بين الحق والباطل، وإمازة الخبيث من الطيب، والصادق من الكاذب، وعلى إثرها يترتب المصير المستقبلي للأمة والبشرية كلها على مستوى الدارين، فإما فوز وفلاح وعزة وأمن وحياة طيبة، وإما خيبة ومذلة وخزي وخسران وعذاب وضياع وندامة؟
هذا جانب، ومن جانب آخر فإنه من السهل اليسير في هذه الأيام، وفي مثل هذا الظرف بالذات على كل فاسد أو ظلوم أو مقصر أو متجاوز للقانون والأخلاق أنْ يصنف نقدك وانتقادك لتصرفاته وأفعاله في خانة المتصهينين، وعديمي الخُلق والشرف والغيرة والدين، ومثيري النزاع  والشغب واللغط والبلبلات والإرجاف في المجتمع، كجزء من إسهامهم التخذيلي والتخريبي خدمةً لإخوانهم الصهاينة وأوليائهم المستكبرين، وسيصدقه الجميع، ويراك القاصي والداني من المجاهدين الأحرار بعين الازدراء والتحقير والتخوين، وتصبح منبوذاً ملعوناً مدحوراً مذموماً لا قيمة ولا اعتبار لشخصك ولا لفكرك ولا لوجودك أصلاً!
ولكن هذا كله لا يعفيك من المسؤولية أمام الله وأمام نفسك وضميرك وعقيدتك وثورتك ومشروعك وقضاياك والناس جميعاً، مادمت اخترت طريق الشهادة لله، وعملت من منطلق التزامك لنهج ومشروع رسول الله وعلي والحسنين عليهم الصلاة والسلام، الذي يرى الحق والعدل والمساوة والحرية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فريضة دينية يجب القيام بحقها ومستحقها وأداؤها كاملة غير منقوصة في كل وقت وأوان وحين، ومع كل الظروف والأحوال.
والأمر الآخر هو أن هناك مَن يستغل انكباب الجميع على الاهتمام بالقضايا الكبرى لكي يقوم هو بالتخريب والهدم من الداخل، وتمرير أمور كثيرة من شأنها أن تقضي على كل شيء، إذا ما بقيت على حالها، ثم إننا لا ولن نرضى أن نكون أحسن السيئين، باعتبار منطلقنا ونهجنا اللذين لا يقبلان سوى الكمال في كل شيء، ولا مكان فيهما للنقص والناقصين، والقبول بالحاصل.

أترك تعليقاً

التعليقات