لا ليست حلماً بل حقيقة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
زعم أحد المغشي على بصائرهم وأبصارهم، المحطمة نفوسهم، المعدومة إراداتهم، السادرين في غيهم وجهالاتهم، التائهين في حياتهم، الغائبين عن المشهد، المتفلتين من حبل الله، المائلين مع كل ريح، المنجذبين لثقافة الاستكبار العالمي، الطامعين بنيل محبته والقرب منه، الدائبين على التشكيك بالحقائق، العاملين على كسر نفوس الأحرار المجاهدين المؤمنين، بما يثيرونه من شبهات وأكاذيب هدفها التقليل من أهمية الإيمان بالله، وضرب الثقافة الناشئة عن الاعتصام به، والالتزام بكتابه، والثقة بوعده لعباده الصالحين، زعم: أننا لن نرى مطلقاً اليوم الذي تسقط فيه على أيدينا كمؤمنين كل ممالك الجور، ودول الهيمنة والكفر والطغيان في العالم، وأن ما نعيشه من صبر وجهاد وثبات على الحق لن يحقق لنا شيئاً مما نتطلع إليه بهذا الخصوص، فليس من منظوره إمكانية لغلبة الحق على الباطل، وتمكين المستضعفين من وراثة الأرض على الإطلاق، بل هو المستحيل بعينه، إذ لو كان ذلك متاحاً لتحقق على يد الأمم التي سبقتنا من المسلمين، الذين عاشوا في القرون السالفة من عمر الإسلام، لكونهم كما يعتقد أفضل منا، لاسيما أولئك الذين عاشوا القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الرسالة الخاتمة، لذلك يقرر هذا الناقص وعياً وعقلاً وديناً أننا: نحلم لا أقل ولا أكثر، وحلمنا هذا كما جاء في كلامه الذي نحن بصدد بيان حجم ما تضمنه من الجهل والمغالطات: يقودنا للتمرد على السنن الإلهية، التي قضت باختلاف الناس، وتعدد عاداتهم وأديانهم وأذواقهم ومشاربهم ونظراتهم ونظم حياتهم، وليته اكتفى بذلك، ولم يمعن بالنيل منا أكثر، وذاك ما يوحي به إطلاقه لمصطلح: الثقافة الملازمية على ثقافتنا القرآنية، التي بحسب ما يقول: ليست سوى كلمات وأفكار جعلتنا نسبح في عالم من الأوهام والخيالات المنافية للعقل، والبعيدة كل البعد عن الواقع ومجرياته!
أولاً، نحن لا نحلم بزوال ممالك الشر والتبعية ومَن وراءها من المستكبرين والصهاينة على رأسهم أمريكا الشيطان الأكبر، بل نعيش ذلك كحقيقة ثابتة، وحتمية واقعة لا محالة اليوم أو غداً، وإن لم يكن موعد تحققها على أرض الواقع بأيدينا، فإننا يكفينا شرفاً أن كنا نحن الممهدين لحدوثها، والمؤسسين لوجود الجيل الذي سيقتلعها من جذورها، لأن ذلك وعد الله لعباده، وعهده الذي عاهدهم عليه، ومثلك لا يستوعب هذا المعنى، الذي مرده إلى الله القائم بالأمر كله، وقوامه الثقة المطلقة به، فهو لا شك الذي سيمكننا من وراثة الأرض، وهذا يقينٌ نعيشه، ومبدأ نعتقده، وأساس نسير عليه.
ثانياً، ليست ثقافتنا ملازمية، بل قرآنية، وقد كانت الملازم وستظل عنوانها وأصلها ومرجعها، فهي عين بيان القرآن، ومبعث الإحياء لحركيته في واقع الناس، وتحكيم نظرته في كل شؤون حياتهم، وإن حاولت بنعتك لهذه الثقافة بالملازمية، رغبةً منك أن تجعل المتلقي يتعامل مع الملازم كما يتعامل مع أي جهد بشري، فإنك لن تصل إلى غايتك، لكون الشهيد القائد رضوان الله عليه لم يدعُ إلى شخصه، بل دعا إلى الله، ولم يقدم فكره المستقل وانطباعاته الشخصية، بل قدم وحي الله وتعاليمه، ولم يشد الناس له، بل شدهم إلى الله، ومادام الأمر كذلك فالله هو وراء هذه الثقافة، وقائد هذا المشروع، والحامي له، فهو نوره، «والله متم نوره ولو كره الكافرون».
ثالثاً، إن الله سيعز دينه، وينصر أولياءه، وهذه هي سنته التي لا تتبدل ولا تتغير، والخيرية ليست منحصرة بزمان دون زمان، وحتى وإن كان واقع الأمة العام يوحي بضعفها وفسادها، فتلك دافع للمؤمنين الذين تسخر منهم، ليكونوا هم الذين بهم يتحقق الاستبدال، كسنة إلهية، وتلك فرصتهم للفوز برضوانه، وقد بات الميدان ميدانهم بذلاً وجهادا ومسارعة إلى الله، وهو ناصرهم، ومالك نواصيهم، وهم المظهرون لدينه، والعاملون على إعلاء كلمته، وهم كذلك الوارثون.

أترك تعليقاً

التعليقات