ذاك يقين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لن تذهب تضحيات ومصابرة ومرابطة رجال الرجال هباءً منثوراً، ولن يخيب ظن الشعب الحر المعطاء بقائد مسيرته، وسيد ثورته، ولن يخذل الله قائداً ربانياً وثق به، وانطلق في سبيله، بنفسٍ زكية، على بينة من أمرها، هدفها تغيير الأمة، واستعادة مجدها التليد، على ضوء هدى الله، همها هو الدين، وميدان عملها سبيل الله، الذي هو سبيل الناس. وها هو ربان سفينة الخلاص لليمنيين يسير بعزم ووعي وثبات وبصيرة وقوة واتزان في قلب الطوفان، ومعه وخلفه قلوب وعقول وعيون وأسماع شعبه وأحرار العالم بكل ألوانهم وأعراقهم وانتماءاتهم وألسنتهم، كيف لا والقدس وفلسطين القضية والبوصلة والقيمة التي لها تستند القوة، ولها تبذل المهج والأرواح؟!
وإذن، فملاحقتنا للسلبيات، ومواجهتنا للفساد والعبث والاختلالات واجبٌ بكل المقاييس السماوية والأرضية، لأننا نروم سيادة الحق نظاماً حاكماً لكل جانب من جوانب حياتنا، ونسعى لترجمة الوقوف الذي لا نظير له بوجه الاستكبار والصهيونية إلى برنامج عملي يتم بموجبه إيجاد اليمن فكراً واجتماعا وعلما وسياسة واقتصادا، كما تم إيجادها وتظهيرها قضيةً وموقفاً وبندقية.
وهذا الإيجاد والتظهير لن يتحققا في ظل وجود أفراد لا يملكون الأهلية الحقيقية لصنع هذا التحول المطلوب، وليست لديهم القابلية لتجسيد هذا المشروع الرسالي عملياً، حتى وإن سمعتموهم يحاضرون الناس عنه، ويكثرون من الحديث باسمه، ويقدمون أنفسهم كممثلين له، فهذه كلها لا تعتبر معايير حقيقية وواقعية لقياس أهلية هؤلاء وجدارتهم في تحمل المسؤولية، كون المعيار الحقيقي هو الأثر والإنجاز المترتب على الحركة والفعل والإدارة وصوابية اتخاذ القرارات، وطبيعة ما قدمه هؤلاء في نهضة المجتمع وتقدمه، ولا شك بأن رصيد معظم هؤلاء المسؤولين صفر بهذا الخصوص، بل لقد عملوا على إعادة إنتاج ماضي الوصاية والتبعية بإدخالهم للمحسوبية في ترشيح وتعيين الشخصيات المقربة منهم، والمرتبطة بهم قبلياً أو مناطقياً، أو تلك التي تُدين لهم بالطاعة العمياء، بعيداً عن مراعاة الكفاءة والقدرة والأهلية لتلك الشخصيات.
إن معظم العاملين في ميدان المسؤولية يعتبرون أنفسهم فوق المشروع والثورة، وأعظم وأكبر من القرآن والقيادة، وهو ما يتضح جلياً في طريقة تعاملهم مع الأشخاص الذين يتوجهون إليهم بالنقد، بغية التصحيح للأخطاء، والخروج من حالة السلبية والعشوائية والجمود والتراجع والعبثية، ومن واقع الحرص على الثورة، والولاء لله وللقيادة والمشروع، إذ يقومون بعزلهم وتسقيطهم لخروجهم عن مبدأ الطاعة، وجرأتهم على قول الحق، حتى ولو كان هؤلاء الأشخاص يتمتعون بالقدرة والكفاءة فلا قيمة بنظر هؤلاء المسؤولين لذلك، فبمجرد انتقادهم والاعتراض عليهم سقطت كل مؤهلاتهم ومقاماتهم وحقوقهم وكراماتهم.
لكننا لن نيأس، ولن نستسلم لكل هذا الميل والانحراف، واثقين أن في أوساط الثوار والمنتمين لهذه المسيرة قيادة ومنهاجا وخطا؛ رجالاً مؤهلين لحمل المسؤولية، لديهم من الوعي والكفاءة والاقتدار ما يعينهم على النجاح في أداء واجبهم وتنفيذ مهامهم على أكمل وجه، إلى جانب صفائهم النفسي، وخلوها من الهوى، واستعدادها الفطري بالميل للحق والحقيقة، وتفانيها لصالح بناء الإنسان، وقدرتها على تقييم الواقع واكتشاف مكامن الخلل، وسعيها الدؤوب لتصويبها، وسد كل الثغرات بما يصب في سبيل الله لا سبيل الرموز والقادة، والتعصب للانتماء في الحق والباطل، ذاك يقين نعيشه، قبل أن يولد.

أترك تعليقاً

التعليقات