حبل التبرير قصير
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
ذات يومٍ كنا على موعدٍ مع أحد الأشخاص الذين تتلخص مهمتهم في التبرير للوضع السلبي في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة، ليكون ضيفاً في برنامج إذاعي إخباري كان يسمى "ملف اليوم"، وقد صادف يوم استضافة هذا الشخص موعد استلام أكثر المذيعين صفاء ذهنياً ويقيناً ثورياً، وصدق توجه، والتزام بالمسيرة منهجاً وخطاً، وقد اجتمع هذان النقيضان بالتزامن مع تحركات من قبل الدولة حينها بمكافحة الفساد وتجفيف منابعه وإزالة كل الأسباب التي تساعد على بقائه، لكن هذا التحرك من قبل الدولة كان يغلب عليه الطابع الإعلامي الذي يعتمد القول ولا يستند من قريب ولا من بعيد إلى العمل، لذا وجب أن يتضاعف نشاط الذين يحسنون استعمال المساحيق فيجملون بها القبيح، ويقدرون على مواراة العيوب بحيث يحولونها إلى مظاهر جمالية مطلقة.
المهم انطلق البرنامج وبدأ الزميل إبراهيم الوشلي بطرح الأسئلة على الضيف الذي كانت مهمته أشبه بمهمة صاحب محل كوافير ليس إلَّا، إذ اكتفى بالتعليق على أكثر من سؤال بكلمات محددة لا يختلف سوى الأسلوب في عرضها بين كل سؤال وسؤال، إذ كان مضمون تعليق الضيف يقول بأن من غير المعقول مطالبة الدولة بتحقيق أي إنجاز في ملف مكافحة الفساد وإصلاح المؤسسات، مبرراً لكل ذلك بقوله: ''لقد تعرضت الدولة للتدمير طوال عقود، ومن المستحيل إصلاح كل ما خلفته عقود الوصاية في مدة زمنية وإن بلغت حتى عشر سنين".
استفزني مثل هذا الطرح وقمت على الفور بتسريب سؤال للضيف عن طريق إبراهيم يقول: لقد كانت المؤسسة العسكرية من أكثر المؤسسات تعرضاً للتدمير في زمن حكم الوصاية، وها هي اليوم تنتج وتبدع وتطور وتتقدم وتنتصر على أعتى قوى الاستكبار والهيمنة، فلماذا لم يقولوا كقولنا في بقية المؤسسات؟ 
جن عندها جنون الضيف وقال: "أنتم بهذه الطريقة تفرقون بين مؤسسات الدولة، وهذا عمل يصب في خدمة العدو"، رد عليه إبراهيم بالقول: لقد حثنا السيد القائد حفظه الله على اتخاذ القوة الصاروخية قدوة ونموذجاً يجب الاستفادة منها، فهل كان بهذه الدعوة مفرقاً بين أجهزة الدولة وعامل انقسام بين مؤسساتها؟ "فبهت الذي كفر"، لكنه لم يقف مكتوف اليدين في ما يتعلق برد اعتباره، فأجرى اتصالاته المحملة بشارات التهديد وإيحاءات الوعيد، لكنها كانت طنطنات لا تسمن ولا تغني من جوع، فالحق أبقى وأتم.

أترك تعليقاً

التعليقات