مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
يجب علينا قبل الانطلاقة من أي مناسبة من المناسبات الدينية العظيمة، التي شكل وجودها إحداث تحولاتٍ كبرى على مستوى الأهداف العامة والنتائج المرحلية، أن نعمل على إيجاد الآلية التي ستمكننا من قراءة تلك المناسبات والذكريات قراءةً صحيحةً، بحيث نستطيع من خلال تلك القراءة أن نستفيد من تجربة وحركة الرسالة في الماضي، بما يساعدنا على إغناء تجربتنا نحن في الحاضر، لكي نسهم في تحديد ورسم ملامح المستقبل لحركتنا وأجيالنا، وذلك لن يتحقق إلا إذا استوعبنا أولاً قيمة تلك المناسبات التاريخية، ولاسيما ما ارتبط منها بتجربة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطت خلاصة ما اشتملت عليه مرحلته العملية من دروس وعبر، ووقفت بنا على طبيعة الأحداث والتحديات التي صاحبت حركته العملية للنهوض بالرسالة، ومساعيه الحثيثة لبناء الإنسان الفرد والمجتمع على أساس الإسلام، وثانياً لا بد من الدراسة الجادة لمختلف الأساليب النبوية، التي حددت له طبيعة التعامل مع الواقع، وأسهمت في إنجاح حركته، على الرغم من اختلاف الظروف بين فترة وأخرى، وتنوع وتعدد التحركات المضادة لحركة الدين الإلهي، واشتداد الأخطار وكثرة التهديدات التي تقف بوجه الرسالة، واتساع نطاق وجود القوى المعادية، التي توزعت ما بين مشركين ويهود ودول وإمبراطوريات كبرى كما هو معلوم، ومع ذلك بقيت الرسالة متوازنةً في حركتها، ثابتةً في مواقفها، قادرةً على امتلاك القوة، ومستعدةً للمواجهة في جميع الأحوال، مع عدم افتقادها الأساليب التي تعطي الأهمية البالغة لدعوة الناس، ومخاطبة عقولهم وقلوبهم بكل الطرق، التي تتوصل من خلالها إلى ما يوقظ المعاني الفطرية في وجدان كل من يناقشها، ويستمع إلى حججها وبراهينها.
ولكن يبقى السؤال: ما هو المصدر الذي يجب الاعتماد عليه لمعرفة الرسول صلى الله عليه وعلى آله، والإحاطة بكل معارفه وصفاته، والفهم لكل مراحل حياته، وإدراك كل ما قدمه في كل مراحل دعوته وقيادته للأمة؟
الجواب: لا بد من الاعتماد على القرآن الكريم، هذا إذا كنا نريد فعلاً أن تكون لنا المعرفة التامة بالرسول والرسالة، كما لا بد من التخلص من كل الرؤى المسبقة التي حشاها في عقولنا المذهب الفلاني، أو الفقيه الفلاني، فالتراث بكله قد تعرض لكثير من الدس والتحريف، لذلك علينا محاكمة كل النصوص التاريخية والحديثية، على أساس مقارنتها مع النصوص القرآنية، التي لها وحدها الحق بالحكم على صحة كل تلك الأحاديث والروايات أو ضعفها، وهكذا نستطيع إعادة الاعتبار لتاريخنا الرسالي، ونصل إلى أولى الركائز الحقيقية في بناء شخصية إسلامية بحق.

أترك تعليقاً

التعليقات