مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لماذا نجد بين الفينة والأخرى أفعالاً وتصرفات وأفكاراً يحاول أصحابها تقديمها بلبوس ثورية ويعملون على صبغها بمسوح إيمانية ليتلقاها المجتمع باعتبارها معبرة عن الفكر الذي تحمله ثورة الـ 21 من أيلول/سبتمبر، مع أن مثل تلك الأشياء على تنوعها وتعدد واختلاف من صدرت عنهم لا تمت للثورة وثقافتها القرآنية بصلة، لا من قريب ولا من بعيد، ولكن بفعل انقسام جبهة الوعي إلى قسمين بين مؤيد ومبارك لمثل هكذا أمور وبين معارض وشارح ومبين لخطئها ومدى مجانبتها للنهج وطبيعة ما لها من نتائج سلبية، ولو لم يكن سوى تنفير الناس عن هذه الثورة وإخافتهم منها لكان ذلك يكفي للعمل على التصدي لها باعتبارها تصب في خدمة العدو وتعمل على خلخلة المجتمع وتفكيكه، وتبقى الجهتان في حالة أخذٍ وردٍ حتى تأتي قضيةٌ جديدة فتحل محل سابقتها دون أن يكون هنالك توجه لحملة الفكر النير في حسم تلك القضية وبيان خطئها أو صوابيتها، ثم يقدم الناس على انتصار جديد يحققه أطهر من أقلت الغبراء وأكمل من استظل تحت أديم السماء، فيتحد الجميع.
وهنا يجدر بنا التنبيه إلى أن إنجازات وانتصارات المجاهدين لن يكون لها الأثر الكبير في وجدان وفكر الجمهور المتلقي والمؤيد والمحب والداعم إذا لم نعمل بجدية على تنقية الأرضية التي نريد زرع نتاج المجاهدين فيها من كل الشوائب التي تعتري تلك الأرضية، سواءً كانت في سوح الأنفس أم الأفكار، لأن بقاء مثل هكذا تصورات وقناعات مغلوطة من دون حسمٍ فيها سيؤدي في المستقبل إلى ظهور ورم خبيث يفتك بالجسد الثوري كله.
قد يقول قائل: المعنيون يقومون بمعالجة الخلل المعين أو الخطأ الحاصل هنا أو هناك بصمت ولا داعي لخروج ذلك إلى الناس، وهذا هو العمى التام والغباء المطلق، لأن الأثر السلبي لذلك الطرح أو الفعل الناتج من فلان الذي لا نريد إظهار موقفنا منه، ولا نريد أن يعرف المجتمع إنكارنا له، وكيف أن تعاملنا مع من صدر منه أصبح ثقافة لدى المتلقي، لكونه صدر من فلان المعروف بانتمائه إلى الثورة وانخراطه في المؤسسات المحسوبة عليها، وأصبح قضية رأي عام انقسم الجمهور بموجبه إلى قسمين مؤيد ومعارض، مقر ومنكر، وبمثل هذه الحالة فإن المعالجة بمعزل عن المجتمع تعد إقراراً من قبل المعنيين لتلك الأشياء كثقافة يجب على المجتمع التزامها.

أترك تعليقاً

التعليقات