السلاح الأمضى في مواجهة الحق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا شيء أقدر على تحقيق الإرباك والزلزلة لدى أي مجتمع سائرٍ في خط الحرية والجهاد، مستندٍ إلى مصادر الإسلام الأصيل، في حركته وانطلاقته، ومستظلٍ بظل ثورةٍ تمتلك من المقومات والخصائص ما يؤهلها لتكون النموذج المُتبع من قبل جميع أبناء العالم المستضعف، مثلُ التشكيك، فهو السلاح الأمضى والأشد فتكاً وتدميراً من بين كل الأسلحة قديماً وحديثاً، وقد استخدمه أهل الضلال والباطل عبر التاريخ ولايزالون بأمس الحاجة إليه حتى اليوم وإلى أن يشاء الله، فبه وحده استطاع المنشدون إلى العودة في الجاهلية بعد الإسلام، هز ثقة المسلمين برسول الله صلوات الله عليه وآله، بقولهم: «إنه يهجر، وقد غلبه الوجع». وبالتشكيك تم التنكر لآيات المواريث، ووُضع بدلاً عنها: «نحن الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة». مع أنه لم يسمع به أحد سوى مَن ادعى سماعه، وإن افترضنا صحته عن النبي، فهل يُعقل أن يقوم صلى الله عليه وآله بمخالفة كتاب الله؟ لا وألف لا، وبالتشكيك تم عزل الناس عن أمناء الله ورسوله على الدين، فسيد الوصيين وإمام المتقين وأول الناس وأكملهم إسلاماً وإيماناً وعلماً وعقلاً وعدلاً وجهاداً وخلقاً علي بن أبي طالب عليه السلام، ليس سوى: «رجلٍ فيه دعابة». بل لم يكن يصلي! بل لم يثبت أنه أسلم أصلاً كما قال شيخ الإجرام الحراني، لهذا كان من الطبيعي أن يتم اللعن له عليه السلام على المنابر قرابة ستين سنة في كل بقاع المسلمين.
واستمر الحال وفق هذا المنوال، فالحسين سيد أهل الجنة خارجيٌ كافرٌ قُتل بسيف جده! ومسلم بن عقيل رضوان الله عليه، شاربٌ للخمر! وللأسف كان كل هذا الزيف والافتراء ولايزال يلقى آذاناً تصغي له، وقلوباً توقن به، وعقولاً تصدقه، نتيجة ارتكاز كل مقومات المعرفة والعلم والتصديق وغيرها لدى المسلم أمس واليوم على ما يقرره ويشيعه ويعتقده ذوو الجاه والمنصب، ومن بيده كل مقومات الغلبة والنفوذ، وإن كان في جهله وضلاله وفسقه وانحرافه وبغيه وظلمه وخبث منبته بمستوى معاوية ويزيد وابن مرجانة، لأن ثقافة التشكيك والتحريف والتفكيك والهدم استطاعت أن تجعل الناس عبدة للسلطان، بدلاً من الله، لهذا رسخوا لدينا المثل الأموي الخبيث: «الناس على دين ملوكهم». وإذن لم يعودوا على دين الله الذي ارتضاه لهم.
وإذا كنا اليوم نريد أن نبحث طبيعة الاختلاف بين أساليب أبناء هند ومرجانة، وأساليب التشكيك المتبعة لدى امتداد تناسلهما القذر، فإننا لن نجد ثمة فرقا بين الجذور والامتداد من حيث الطبيعة والدور لكليهما، اللهم إلا أن مجتمع اليوم جمع ما بين بقرية بني إسرائيل وجملية الشام الأموي السفياني المرواني، فصار أطوع بكثير في مسألة التقبل لكل ما يطرحه نسل الشر، وإن اختفى الطلقاء وأبناء الـ... من موقع الحكم المباشر، فإن لهم مواقع أخرى مازالت خاضعة لهيمنتهم المطلقة، ولذلك فالجانب الاجتماعي والفكري والإعلامي لايزال بيدهم، وقد بدأ مبكراً العمل على التشكيك بشخصيات فكرية وثقافية وأدبية، لأنها استطاعت فهم هذا المشروع وتمكنت من إيصاله إلى جماهيرها، وكافة المجتمع، فكان لا بد من تسقيطها من أعين الناس وقلوبهم، عن طريق بث شائعة واحدة فقط، مفادها: فلان جيد ومتمكن وصاحب فكر ولديه وعي وبصيرة وقدرة على التأثير، ولكنه لا يصلي!

أترك تعليقاً

التعليقات