كي لا ننسى
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
قد يصعب على المرء استيعاب الصدمة وهو يرى الدماء المسفوكة، والأشلاء الممزقة، والبيوت المهدمة في فلسطين ولبنان، الأمر الذي يدفعه إلى التشكيك بجدوى الاستمرار في الدفاع عن الأرض والإنسان، والتمسك بالقضية، معتبراً ذلك سبباً لدفع الصهاينة المجرمين إلى ارتكاب المزيد من الجرائم والمذابح بحق جمهور المقاومتين في غزة ولبنان؛ لأنه لا يرى سوى تلك المشاهد، ولا يعي سوى المأساة التي تخلفها، وهو فوق ذلك متشبع بثقافة الهزيمة، منطبع بطابع الاستسلام العربي العام، الذي ثبت في الوعي الجمعي أننا قوم مهزومون قبل المعركة وبعدها مع الكيان اللقيط، وأن العين لا تقاوم المخرز، وأن البقاء في الوقوف بوجه هذا العدو مغامرة وانتحار.
وهنا تأتي عظمة المقاومة، وتفصح مظلومية الشعبين عن غايتها وهي: أن تجعل من الموت فرصة للوعي، هذا يعني أن الموت صارت له قيمة توليد الحياة.
وكي لا ننسى ما ينتج عن التزام خط الجهاد والشهادة، يجب النظر إلى تيار الحق عبر التاريخ، لكي نعرف كيف كان اقتدار المستضعفين على صنع المستقبل والواقع كي لا ننسى كيف تغلب إبراهيم على النمرود، وموسى على فرعون، وعيسى على سماسرة الهيكل، ومحمد على الجاهلية، والحسين على موت الضمير وقتلة الأحرار، والخميني على ملك الملوك، والمقاومة على أخطر قوة عدوانية في المنطقة.
إننا في هذه الأيام كنا ولانزال نصنع بالرجال الذين أعاروا الله جماجمهم، و بحفاة الشعب الفلسطيني واللبناني الذين ثبتوا في أرضهم، وبحكمة قيادة وقوى إسلامية ووطنية، نصنع التحرير والفتح المبين، لعصر سماه سيد شهداء القدس والمقاومة السيد نصر الله بعهد الانتصارات وهزيمة العدو.
لكيلا ننسى كل ذلك، وكثيرون هم الذين يعملون من أجل أن ننسى، فإن علينا أن نُعمق قيم هذه المقاومة في وجداننا الإنساني والوطني، لتكون هي الخيار وهي الرمز الذي يمثل قيمة الشهادة عندنا والحياة.
إن فعل الشهادة سبيل ينتهجه أفراد صالحون مقاومون، من أجل أن يعمروا دنيا الجماعة وحياتها. وإن الحياة هنا تساوي الحق في أن تكون هوية الإنسان هي إنسانيته. إنها الرفض للهزيمة لأن الحياة انتصار، وهي رفض للجوع والأسر والتشرد والهوان، لأن الحياة غنى وحرية، ووطن، وعزة، وهي رفض للقطيعة والفتنة والظلم؛ لأن الحياة تواصل، وحوار، وتراحم، وسيادة عادلة. إن الحياة هنا كما الشهادة خيار مفتوح على الإنسان لأجل الإنسان.

أترك تعليقاً

التعليقات