إنسان ما بعد الطوفان
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
كان المرتزقة والمنافقون من مختلف تيارات وقوى العمالة والخيانة والارتهان والتبعية لمحور الشر والاستكبار العالمي ولايزالون في حالةٍ من الخوف والرعب الشديدين، منذ انطلاق معركة الطوفان (طوفان الأقصى) والتي لم يكن السبب الرئيسي الذي يقف وراء اصطفافهم لمحاربة جبهتها واندفاعهم مع أربابهم ومشغليهم الإقليميين، والدوليين المربوبين كذلك لأمريكا والكيان اللقيط، إلا أنها تتجه إلى إعادة الاعتبار للفكر والثقافة، لأنه متى ما تمت تنقية الأفكار وتطهيرها من الرواسب والمواد النتنة، وتجفيف منابع الثقافات المغلوطة، وإعادة الاعتبار لكل ما هو حق، بتصحيح المفاهيم وتصويب النظرة، وتعزيز الوعي، وخلق الدوافع الباعثة على وجود النباهة التي تجعل كل فرد يرى نفسه معنياً بكل مَن حوله، ومطالباً باتخاذ موقف إزاء كل ما يجري من أمور سواءً أكان ذلك مقتصراً على وطنه وأمته، أم كان ممتداً أبعد من ذلك بحيث يشمل المستضعفين في كل أقطار الدنيا، سنضمن الحصول على حريتنا واستقلالنا، لأنهما متأصلان في نفوسنا ومتجذران في أعماقنا.
إن مذابح وجرائم الصهيونية والاستكبار في غزة ولبنان، وكل ما نراه من مظاهر الحرق والتدمير هناك برغم بشاعته ووحشيته، إلا أنه سيكون مدخلاً لبناء الإنسان، الذي ستكون حركته في الحياة قائمة على الإرادة والرغبة والتصميم في تحقيق أهدافه، على مستوى الوجود والمصير، وهي أهدافٌ نابعةٌ من داخل كيانه، تتفاعل معها وتنفعل بها كل ذرة من الذرات المشكلة لعناصر ذاته، فهو مستعد على الدوام للفناء في سبيل ما يريد تحقيقه، ولا يجد في نفسه رغبة في التراجع أو التوقف عند نقطة معينة، مهما كانت الظروف، وأياً كان مستوى التحديات وحجم الأخطار.
من هنا ندرك لماذا المنافقون والتكفيريون وبقايا فلول العمالة يعيشون هذه الحالة من الخوف والرعب السالف الذكر في ما تقدم من حديث؟ لأن الصراع بيننا وبينهم هو صراع على الإنسان كإنسان، وما الصراع على الأرض والتحرك في كل الميادين للمعركة إلا مظهر من مظاهر هذا الصراع.
إن الكيان المجرم اللقيط المختفي خلف النار والبارود الذي بحوزته، لن يستطيع بالقتل بكل أشكاله، والهدم والتجريف بكل صوره أن يقتلع المجاهدين والصامدين في الشعبين، ولن يتمكن من فرض العبودية والاستسلام على آخر قلاع الشرف والعزة والكرامة والحرية والحق والعدالة في العالمين، وهما غزة السنوار، وجنوب الحسين ونصر الله، وإنما سوف يجد نفسه محاطاً بإنسان ما بعد الطوفان، الذي سيخرج من تحت الركام، وينهض من بين الدماء والأشلاء، ليقتلع نبتة صهيون الخبيثة من كل فلسطين، وهو إنسانٌ سلاحه الحق، وهدفه العدل، ومنطلقه في سبيل الله، لا يعطي بيده عطاء الذليل، ولا يقر إقرار العبيد، إن عاش انتصر، وإن نازل الموت أحيا بدمه جيلاً بل أمة من المجاهدين والشهداء.

أترك تعليقاً

التعليقات