كي نكون المؤمنين حقاً
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إن ما يمتاز به حملة الدين الحق من أنبياء الله ورسله (عليهم السلام)، ومن أئمة وأعلام الهدى (رضوان الله عليهم)، عن سواهم ممَن يحملون صفةً دينية ويتحركون في أوساط الناس على هذا الأساس، أنهم صلوات الله عليهم أجمعين، يقدمون لأممهم ومجتمعاتهم الإسلام كاملاً، باعتباره منهاجاً إلهياً يجب الالتزام به، كخط فكري يبني النفوس على ضوء العقيدة الإيمانية بكل مقوماتها وأصولها وأركانها وتفريعاتها، ليتم بموجبها اليقين لدى المصدقين بها، والحريصين على أداء حقها في مقام الطاعة لله تعالى، بوجوب أن تقوم حركتهم في هذه الحياة بكلها بناءً على بعدين أو اتجاهين أساسيين لا ينفصلان عن بعضهما، ومتى ما غفل الناس عن أحدهما حكموا على أنفسهم بالفشل، وأعمالهم بالخسران.
وهذان الاتجاهان اللذان لا بد أن يحكما نظرتنا لأنفسنا وواقعنا وكل ما حولنا، ويوجها حركتنا وأساليبنا، ويحددا مهامنا وأدوارنا في مختلف ميادين العمل وجميع ساحات التحمل للمسؤولية، هما:
1. الاتجاه الغيبي المتمثل بالإيمان بالله وباليوم الآخر، لما لذلك من أثر تربوي ونفسي عظيم على الفرد والمجتمع، فمَن عرف الله من خلال تأمله في الشواهد الدالة على وحدانيته وقوته وعظمته، وأدرك مظاهر نعمه على جميع خلقه، تمكن من معرفة نفسه، فلا تغريه سلطة، ولا تبطره نعمة، فهو دائم الرجوع والإنابة إلى ربه، كثير الذكر له، وبذلك يتحرر من كل نزعات الغرور والانتفاخ والأنانية، فلا يسقط ولا ينسى دوره ومهمته في الحياة، ولا يميل أبداً عن الهدف الذي يرجو الوصول إليه من وراء كل ما يقوم به من عبادات وأعمال، لأنه يدرك أن من ينسى الله سينسى نفسه، وينسى مهمته في الحياة وهدفه الذي يسعى إليه، "نسوا الله فأنساهم أنفسهم".
2. الاتجاه الإنساني، وهو أن كل مؤمن عليه واجب لا بد من القيام به تجاه الناس كل الناس، هدايةً وتربيةً ورعايةً وحمايةً وإحساناً، فالدين ليس مجرد مثاليات خيالية، إذ لا بد من أن تُلمس آثاره على الحياة وعلى الواقع، باعتباره برنامجاً لإحياء الناس وإصلاح جميع أوضاعهم، "أو مَن كان ميتاً فأحييناه".
وهذا ما يشدد عليه سيد الثورة في جميع كلماته ومحاضراته وخطاباته، ولا تكاد تمر مناسبة إلا ويحثنا على الاستزادة منها بما يخدم توجهنا للقيام بما يجب علينا القيام به، وفق هذين الاتجاهين أو البعدين اللذين بهما سنكون المسلمين فعلاً والمؤمنين حقاً.

أترك تعليقاً

التعليقات