حقيقة قاتلة
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يكاد يتحقق إنجازٌ عظيمٌ على أرض الواقع على أيدي الرجال الذين صدقوا في ما عاهدوا الله عليه، إلا ووجدنا في المقابل أعمالا وتصرفات وأنشطة وتوجهات وممارسات من قِبَل أشخاص موجودين في أكثر من قطاع أو هيئة أو مؤسسة أو وزارة، لا هم لهم سوى تحويل الأنظار والاهتمامات والجهود عن الحدث الأبرز، والتحول الكبير، والتغير المصيري، الذي يبني وعياً بما يشتمل عليه من دروس وعبر، ويختزنه من قيم ومبادئ، ويعبر عنه من مواقف وقضايا، ويحث عليه من ثوابت والتزامات، وذلك بافتعال مشكلة هنا، وإحداث شرخ هناك، وقد يلبسون كل ما يقومون به من أمور لبوساً قانونية، ويدعون لأنفسهم صفة رجال دولة، وحملة أمانة الحفاظ عليها، والمعنيين بتجسيد منهجيتها الإيمانية القرآنية الجهادية الثورية، وتحقيق أهدافها القريبة والبعيدة، ولكنهم من حيث الأصل عقبة كؤود أمام الثورة والثوار، ومشنقة معدة سلفاً لخنق كل صوت أو قلم أو جهة أو وسيلة تعبر عن الحق والحقيقة، وتنتمي بصدق، وعن وعي وقناعة إلى المسيرة القرآنية فكراً وشعوراً وخُلقاً وتوجهاً عملياً، وخنجراً صُممَ خصيصاً ليوضع في نحر كل حر، يقتفي أثر الأبطال والرموز الذين فازوا بنيل الشهادة في سبيل الله، وأكدوا مدى إخلاصهم ومحبتهم وولائهم لسيد الثورة أيده الله، في أفعالهم قبل أقوالهم، وفي سلوكهم ومواقفهم، فكانوا رجالاً لم تدنس نفوسهم بالمطامع والرغبات والأنانيات، ولم تهدر كراماتهم وإنسانيتهم، ولم يضع شرفهم على أبواب السفارات، أو فنادق وأوكار وحواضن العمالة والتبعية والارتزاق والنفاق، ولكن هيهات لهكذا أصوات وأقلام ووسائل وجهات عرفت طريقها، ووعت مهمتها، وحملت هم أمتها، وقامت بدورها على أكمل وجه، ومن منطلق الالتزام بالمشروع القرآني أن تُترَك وشأنها، ويسمح لها بالبقاء والتمدد والرسوخ، كي تعطي أكثر، وتسهم في تحقيق نقلات نوعية في مسيرة الإصلاح والنهوض، وتحقيق التغيير الجذري الشامل على مستوى النفس أو الواقع! لسبب بسيط هو أن هنالك مَن عمل ويعمل من الداخل، وباسم الثورة والثوار على تحطيمهم وإعاقتهم، وعزلهم وتهميشهم.
إنها الحقيقة التي يصعب علينا تصديقها، لكونها فعلاً مرة ومؤلمة إن لم نقل: قاتلة، نعم قاتلة يا سادة، ولاسيما إذاما عرفنا أن هناك من التصرفات والأفعال والممارسات والمواقف التي تستهدف شخصيات أو جهات إعلامية وثقافية كان لها ولايزال الأثر الكبير في الميدان، والإسهام الأكبر في تحصين وحماية الواقع الفكري والثقافي من محاولات السيطرة والاختراق من قبل العدو، وأعتقد أن القارئ الكريم لايزال يتذكر كيف تم التعامل مع الشخص الذي كان وراء خروج ديواني البردوني المغيبين إلى النور، إذ تمت مكافأته على الفور بعزله من منصبه، ومثل هذا الكثير والكثير، الأمر الذي يثبت لك أن هكذا قرارات وخطوات وتصرفات لا ولم ولن تكون عفوية أو طبيعية، أو نتيجة وجود حمقى وأغبياء هنا أو هناك، وإنما هي دلالة واضحة على وجود أيادٍ قذرة تتحرك باسمنا، وتعبث بنا وتخترقنا، وتحقق مراد العدو من الداخل.
وإليك عزيزي القارئ شاهدا آخر من أرض الواقع؛ قبل شهرين تقريباً من اليوم صُنفت صحيفة «لا» من قبل اليهود الصهاينة ضمن الوسائل الإعلامية التي يشكل وجودها خطراً على الكيان، ويهدد أمنه الوجودي، وقبل أيام وتزامناً مع الإنجاز الكبير لقواتنا البحرية خلت جميع الأكشاك من عدد الصحيفة، ودون سابق إنذار، فهل هكذا تكون المكافأة؟ ثم مَن المسؤول عن هكذا تصرفات تخدم «إسرائيل» بالدرجة الأولى؟ ولماذا يتم احتجاز عدد يوم الاثنين الماضي بالذات؟ أما من جواب؟ لا أدري.

أترك تعليقاً

التعليقات