هدف الرسالات الإلهية
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
بما أن الثورات ذات البعد الإسلامي الأصيل، والمحتكمة في جميع أوضاعها إلى منهج الله، تهدف في ما تسعى إليه إلى الهدم لكل مظاهر الجهل والتخلف والظلم والطغيان والاستغلال، بغرض البناء لمجتمع تكاملي متوازن ومتحد وعادل، فلا بد من العمل على تزكية النفوس وتطهيرها من كل تبعات الماضي، وذلك عن طريق تقديم المنهجية الصحيحة والواضحة للناس، بياناً وعملاً، من خلال الدخول إلى كل الساحات المجتمعية كلمةً وموقفاً وحركةً والتزاماً، من قبل الطليعة الآخذة على عاتقها تحقيق هدف الثورة والنهوض بكل متطلبات استمراريتها وبقائها.
فالمطلوب لكي يتم هذا الأمر هو الابتعاد بالكلية عن سياسة الاحتواء الانتقائي في عملية التربية والتوجيه والتثقيف، والتي للأسف الشديد لاتزال هي الغالبة على 95% من مجمل نشاطنا الداخل ضمن هذا الإطار، متناسين أننا قد تجاوزنا مرحلة التأسيس للتغيير التي تستلزم وجود القاعدة التي يُعد وجودها شيئاً هاماً وضرورياً، باعتبار ذلك اللبنة الأولى في طريق بناء المجتمع الرسالي القوي، ولأن الأوضاع الضاغطة التي فرضتها سلطات الباطل لا تسمح بالوصول إلى الناس مباشرةً، فقد قضت الحاجة الاتصال بالناس ودعوتهم وتعريفهم بالمشروع فرداً فرداً، أما وقد تمت الثورة، ووُجِدَت البيئة الملائمة للتحرك الشامل في ساحة التواجد المجتمعي كلها، فإن الواقع يفرض علينا إيجاد النظم الفكرية والعلمية والثقافية التي يتم من خلالها مخاطبة الناس جميعاً، ويتحقق بموجبها صقل المواهب واكتشاف القدرات، وتعزيز القابليات لدى كافة أبناء المجتمع، والتي متى ما توصلنا لمعرفتها وأحسنا التعامل معها بما يساعد على إنضاجها وتقويتها، استطعنا أن نضع أقدام مجتمعنا في بداية الطريق التي عليه أن يقطعها، في سبيل الوصول إلى النقطة التي يعني الوصول إليها بلوغ المكانة الأسمى في مسيرة وجوده الكامل باكتمال نموه النفسي والمعنوي، والذي لا يمكن أن يصل إليه، إلا إذا سعينا بكل جد واهتمام وصدق، إلى إقامة المجتمع التوحيدي، الذي لا مكان فيه للطبقية والانتهازية والاستغلال، وإنما الجميع عباد الله، وعبوديتهم لله سبحانه تفرض عليهم أن يكونوا أحراراً أمام كل البشر، كما تفرض عليهم الكفر بالطاغوت بكل أنواعه وأشكاله، والتمرد عليه ومحاربته، أياً كان منشؤه ومصدره، وهذا هدف أساسي وعام في حركة جميع أنبياء الله ورسله عليهم السلام، وجميع السائرين على نهجهم في كل زمان ومكان، بل هو عنوان لحركتهم الشاملة في طريق التغيير والإصلاح، قال تعالى: «ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت».

أترك تعليقاً

التعليقات