قصر نظر المعنيين
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لا يكاد يمر يومٌ من الأيام إلا ويضعنا أمام تصريح لهذا المسؤول أو ذاك في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة حول توجه هذه المؤسسة أو تلك لحل مشكلة ما هنا أو هناك، لكن الغريب أنه كلما ازدادت التصريحات الموحية بوجود تحرك معين حول قضية ما، ازدادت الأمور تعقيداً، والسبب في ذلك يعود إلى عدم امتلاك رؤية حقيقية للحل في أي مجال من المجالات، وإذا وُجِدت الرؤية لا يستطيع المعنيون ترجمتها على أرض الواقع لعدم وجود جدية في التحرك، لأن الكثير من المعنيين بعيدون كل البعد عن الإحساس بالمسؤولية، أو لنقل غير جديرين بحملها مهما كانت وفي أي موقع من مواقع العمل، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان المواطن الثقة بالمسؤولين تماماً، فلماذا بات الكثير من المعنيين اليوم يكتفون بدغدغة العواطف وتثوير الأحاسيس في وسائل الإعلام دون أن يكون لكل ما يطرحونه أثر ملموس يوحي ببداية تحركٍ يجعل الفعل يسبق القول؟ فقد شبعنا أقوالاً وبتنا بحق متعطشين وتواقين للأفعال التي تشعر المواطن بأنه محل اهتمام من قبل المسؤول.
ولعل ما يوحي بالغرابة فعلاً هو تعامل المعنيين مع القضايا التي تظهر للرأي العام عبر وسائل الإعلام، إذ لا يسعون للمعالجة لأي ظاهرة أو قضية بشكل عام، وإنما يكتفون بما وصل إليهم من جزئية من تلك القضية عبر وسائل الإعلام، فمثلاً عندما تظهر أسرة فقيرة ساء بها الحال من أبناء تهامة عبر الشاشات، يبادر الجميع لإنقاذ تلك الأسرة من شبح الفقر دون أن يعملوا على معالجة أوضاع المنطقة بالكامل، مع أن تلك المنطقة بكلها تحت خط، الفقر ومهددة بالمجاعة، لكن قصر النظر جعل الاهتمام كل الاهتمام ينصب على أسرة واحدة فقط وكأن بقية أبناء المنطقة يتمتعون بالنعيم المقيم، ولعل ما يدفع المعنيين للاهتمام بتلك القضية أو الأسرة التي ظهرت للعيان هو الخوف من وسائل الإعلام لا الخوف من الله إن قصروا بالقيام بواجبهم وأداء دورهم، فهم يرون الإعلام عامل إثارة للبلبلة والسخط لا عاملاً مساعداً في كشف ما غاب عنهم من أمور وبيان ما اعتراهم من قصور.

أترك تعليقاً

التعليقات