في رثاءالشهيد عبدالوهاب الحسام
 

علي القرشي

علي القرشي / لا ميديا -

أبا علي الحسام، إن الكلمات لتقف عاجزة أمام تضحياتك العظيمة، وجهادك المشرف، وبطولاتِك في ساحاتِ الوغى، وفي معارك الرجال والبطولة والفداء.
أنت من علمتنا كيف تكون التضحية والاستبسال في المواجهات والدفاع عن دين الإسلام وحق المظلومين في تعز، فقدمت روحك وأشلاءك ودماءك في الأيام الأولى من شهر ربيع الثاني العظيمة، ابتغاء مرضاة الله، لتصعد روحك الطاهرة إلى بارئها، ولسان حالك يقول: "وعجلت إليك ربي لترضى.. يا ربي خذ من دمائي وأشلائي حتى ترضى يا الله"، فسلامٌ عليك في الخالدين، سلام عليك وأنت تسرح وتمرح في جناتِ النعيم، سلام عليك وأنت في الملأ الأعلى مع النبيين والأئمة المهديين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا.
سلام عليك يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم أن فاضت روحك الطاهرة إلى بارئها. سلامٌ عليك حين كنت تخرج من بيتك ممتشقا سلاحَك في وجه المعتدين. سلامٌ عليك وأنت تشعل أرض مأرب المحتلة لهيبا حارقا بقذائف الهاون و"قاهر"، لتوصل رسالة إلى العدو السعودي ألا مكان لكم على أرضنا، فارحلوا عن أرضنا، فإنها عليكم أرض حرام.
سلام عليك (أبا علي) يوم كنت تستعد لكلِّ اجتياح سعودي على حدود صعدة، تدك آلياتهم، وترعبهم وتدمر حصونهم وقلاعهم، وتعلنها مدوية لجيش الاحتلال "لن تمروا"، لن تمروا إلا على أجسادنا.
لله درك يا شهيدنا البطل وأنت تنتمي إلى كتائب أبي شهيد الجرادي، وأنت ابن الخمسة والعشرين ربيعا، لتقضي أكثر من ثماني سنوات في أحضان المسيرة القرآنية، وأنت تتعرض للقصف تلو الآخر، وتصاب مرات عديدة طالبا الشهادة في سبيل الله تعالى إلى أن نلتها، وكانت دماؤك الزكية هي دليل صدق على دعواتك ليلا ونهارا بأن يمن الله عليك بالشهادة في سبيله مقبلا غير مدبر في ساحات الكرامة وميادين البطولة.
فاليوم تبكيك كل الميادين أيها الحسام، تبكيك تعز حدود صعدة، تبكيك صواريخُ "قاهر"، تبكيك صواريخ الكورنيت، تبكيك قذائف الهاون، تبكيك رصاصاتك التي كانت تزغرد عندما كنت توجهها إلى صدور جنود الاحتلال الجبان، يبكيك مصحفك الذي كنت تتلوه وتتدبر آياته، وتردد آياتِ الجهاد والاستشهادِ، وعيناك ترنوان إلى جنان الخالدين، وفؤادك الأبيض ينبض إيمانا وجهادا.
سيفتقدك أنصار الله يا أبا علي الحسام، وسيفتقدك أبناء القوات الخاصة الميامين الذين كنت لهم قدوة ومثالا للمجاهد الصابر المحتسب، الذي يصل الليل بالنهار، مجاهدا لا يخشى الردى عند المواجهة.
لقد أفنيت عمرك جهادا ودعوة وتضحية من أجل الدين وفداء لليمن الحبيبة، واليوم تروي عطش أرض اليمن بدمائك وتصعد روحك إلى عليين حيث أحبابك السابقين الشهداء لتلتقي بهم هناك في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، ونحسبك كذلك يا شهيدنا ولا نزكي على الله أحدا.
كيف سنوقف حزن تعز ومن بعدها شرعب الرونة التي أعلنت رحيلك؟! وكيف لا تبكيك شرعب (يا أبا علي الحسام) وأنت الذي كنت تتعجل الخطى ـ كمسير أهل الحب للميعاد ـ إلى الصفوف الأولى في كل موقف، تسارع لمواجهة الطغاة مبتغيا الأجر والثواب؟!
تبكيك المآذن الذي كنت تتعجل الخطى ـ كمسير أهل الحب للميعاد ـ إلى الصفوف الأولى في المسجد تسارع إلى الصلوات الخمس مبتغيا الأجر، وطالبا في دعواتك في سجودك أن يرزقك الله الشهادة في سبيل الله تعالى.
ماذا سيكون حال إخوانك المجاهدين عندما ينظرون إلى الصف الأول فلا يجدونك، وإلى الصف الثاني فلا يجدونك، وإلى الصف الثالث والرابع... وفي أفنية المسجد كلها، فلا يجدون عبدالوهاب الحسامي، تلك الحمامة الطائرة التي تحلق في كل الميادين، في ميدان الجهاد والدعوة للمسيرة القرآنية إلى دين الله عز وجل؟!
كيف سيكون حال ابنتك زينب، ذات العامين، عندما تصحو من نومها فلا تجدك بجانبها، فتبكيك بحرقة وألم؟! فقد كنت نعم الأب لها، فتفتقد العناق الحميم، والقبلة الدافئة، وتفتقد كلمة "بابا" التي ذهبت بلا عودة، فلقد بكتك عند وداعك وذرفت عليك دموعا بغزارة، لكن زينب الصغيرة رغم اليُتم، عندما ستكبر سترفعُ رأسها عاليا، لأن أباها ارتقى شهيدا مدافعا عن ثرى اليمن، وهو يدك الآليات السعودية الجبانة المحتلة لمأرب.
وداعا أبا علي الحسام، يا فارس القوات الخاصة، يا أسد الانتقام، يا بطل البطولات، ويا عنوان الجهاد والمقاومة، ويا طريق الحق، ورجل المهمات الصعبة.

* الشهيد اللواء عبدالوهاب الحسام: قائد لواء القوات الخاصة بالمنطقة العسكرية الرابعة.

أترك تعليقاً

التعليقات