الحرب القذرة
 

د. مهيوب الحسام

د. مهيوب الحسام / #لا_ميديا - 

أصبحت أسلحة الدمار الشامل وعلى رأسها البيولوجية جزءا أساسيا من أسلحة الحروب الحديثة بين الدول، وتعتبر الحروب القذرة التي تستخدم فيها هذه الأسلحة من أخطر أنواع الحروب، نظرا لما تسببه من أمراض فتاكة وكارثية للإنسان، والحيوان، والنبات والبيئة عموما، وما تخلفه أسلحة الدمار الشامل من إعاقات وعاهات وتشوهات مستديمة واختلالات جينية للبشر تنتقل عبر الأجيال.
إن مفهوم الحرب البيولوجية هو استخدام كائنات حية دقيقة ممرضة تسبب أمراضاً قاتلة وفتاكة للإنسان وبيئته، هذه الكائنات الضارة والممرضة مثل البكتيريا والفطريات والفيروسات تتم زراعتها وتنميتها في مختبرات ومعامل لتكاثرها، ومن ثم يتم نشرها في أوساط البشر بغرض الإضرار بهم وقتلهم، ويمكن استغلال ما تسببه من ذعر ورعب لأغراض أخرى كالحرب الاقتصادية، وغيرها.
ومن المهم أن نذكر أنه ليس بالضرورة أن يتم نشر هذه الأوبئة بواسطة القنابل والصواريخ والأسلحة المصنعة في مصانع التسليح، بل يمكن نشرها وببساطة من خلال تجارة الأغذية والمواد الغذائية التي يتم تصديرها وتداولها بين البشر بعد أن يتم حقن المواد الغذائية والمواد التكميلية المصنعة وتلويثها بهذه الكائنات حتى ولو بعد تغليفها، على سبيل المثال لم ينتشر فيروس كورونا في الصين إلا بعد الاتفاق بين الصين وأمريكا على التبادل التجاري الأخير بين البلدين ووصول البضائع الأمريكية للصين وتداولها بين الصينيين. 
والمثال الحي الآخر ما تقدمه منظمات الأمم المتحدة اللاإنسانية من مواد إغاثة للشعوب، ومنها ما تقدمه للشعب اليمني من مواد غذائية إغاثية، وما تسببه من انتشار الأمراض الفتاكة بين المواطنين، والتي لم تكن معروفة من قبل، ولم نستطع معرفتها لعدم القدرة على تشخيصها حتى الآن.
هذه الأسلحة البيولوجية الوبائية إذا ما تم تسليطها على هذه المواد الغذائية تصبح أسلحة مدمرة للإنسان وبيئته، وأخطارها ليست آنية على الإنسان وبيئه المناخية والزراعية فحسب، بل لها آثار سلبية طويلة المدى، لأنها تؤثر على الجينات الوراثية ذاتها.
لقد أصبحت هذه الحروب اللاأخلاقية واللاقيمية مستخدمة من قبل ما تسمى الدول الكبرى ضد بعضها البعض كنوع من الحروب الاقتصادية، رغم أن المستهدف بها هو الإنسان ذاته، ولكن نتيجة لما تسببه هذه الأمراض من هلع وذعر، فإنها تمنع العديد من النشاطات الاقتصادية وعلى رأسها التبادل التجاري مع تلك الدول المستهدفة بهذه الحرب، ما يؤدي إلى كساد منتجاتها، وبذلك يتم ضرب اقتصادات تلك الدول في مقتل.
ونتذكر ما أحدثه مرض جنون البقر وحرب إنفلونزا الطيور والخنازير وغيرها، وما يحدث الآن للصين نتيجة انتشار وباء فيروس كورونا الذي ظهر بعد فترة وجيزة من الاتفاق بين الصين وأمريكا، وهو ما أثر على انسياب التبادل التجاري بينهما.
لقد لجأت أمريكا إلى استخدام هذه الحرب ضد دول العالم الثالث منذ زمن بعيد، فمن الحرب على فيتنام مرورا بأفغانستان والعراق وسوريا وليبيا وصولاً إلى حربها ضد الشعب اليمني العظيم، فالملاحظ أن هناك تزايداً في التشوهات الخلقية للمواليد في اليمن منذ بداية العدوان في العام 2015م، وكذلك الإصابة بأنواع مختلفة من السرطانات نتيجة ما استخدمه العدوان من أسلحة محرمة دولياً، وما تحمله تلك الأسلحة من إشعاعات وفيروسات مسببة لأمراض كثيرة، بعضها معروفة والكثير منها لم تعرف حتى الآن.

أترك تعليقاً

التعليقات