الوقت الضائع.. والهدف المرتقب
 

زكي يافعي

زكي يافعي / لا ميديا -
في زيارتي الأخيرة إلى عدن، رأيت العجب العُجاب.
كل شيء يسير بإيقاع متسارع، مُرهق، كأن الحياة هناك تركض دون أن تلتفت، مشحونة بالقلق، مثقلة بالهموم، مترعة بأمانٍ مستحيلة، وتطلعات ضائعة، وآمال مسلوبة.
هذا ما لمسته في ملامح الوجوه العابرة، في انفعالات السائقين، وفي طرق البيع والشراء، في أحاديث المقايل، وفي اللقاءات الاجتماعية..
الجو مشحون على نحو لا يُحتمل.
كأنني أمام مباراة مصيرية، فريقٌ منهك يصارع لا ليفوز، بل ليبقي على بصيص أمل، على فرصة صغيرة للبقاء في المنافسة وخصمٌ خفي، لا يُرى، لكنه عنيد.. يسكن النفوس، يعاركها على ضروريات العيش، يدفع ضغوط الحياة إلى أقصاها، ويلقي بالتزامات ثقيلة لا تعرف الكلل، تقتحم آخر زوايا السكون، وتنهش ما تبقى من طمأنينة وسلام داخلي، في نفوسٍ مكلومة، مغلوبة على أمرها، تبكي حزنًا على حالها وحال الوطن.
فريقٌ خاسر، لكنه لا يستسلم، يلعب في الوقت الضائع، متمسك بالأمل، لعلّ هدفًا في اللحظة الأخيرة يعدّل الكفة.
لكن لا شيء يُشير إلى أن الفرج قريب.. فالعدو يسكن داخله، ومن يشجع الخصم جمهورٌ يتفرّج في لامبالاة، جمهورٌ يرى في معاناة الآخرين تسلية، لا يجد لذةً إلا في انكسار البسطاء، ولا يعرف للسعادة طعمًا إلا في خيبات الضعفاء.
ويقترب وقت صافرة النهاية.. الجمهور يغادر، إلى فنادقه ومنتجعاته، وقد نال وجبته الممتعة: مباراة مليئة بالإثارة، وصوت الآهات والأنين لايزال يتردّد في الخلفية، كأنه نشيد موتٍ بطيء، يتلوه من لا يزال في أرض المعركة، يتشبث بالحياة.
لكن.. يبقى الأمل، لأن صفارة النهاية بيد أرحم الراحمين.. هو وحده من يكتب النهايات، هو من يعلم ما خُفي، وهو من يجعل من كل نهايةٍ عبرةً لمن أراد أن يعتبر، كما فعل في قصص التاريخ، وفي حكايات الأمم التي مضت، وفي عبر العهد القريب.

أترك تعليقاً

التعليقات