ما هو التغيير؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يبرز في الانطباع الشائع عن حكومة «التغيير والبناء»، التباس واقع، يلحظه كل لبيب، وينذر باتساع الهوة بين الآمال المعلقة على الحكومة في الشارع، والأعمال والمهام الموكلة إليها في الواقع، بفعل اسمها الواعد، وتفاوت واسع في فهم ماهية الوعد.
في تقديري أن المقصود بـ«التغيير والبناء» الآن ليس تغييرا ماديا فارقا ينعكس سريعا على الأوضاع المعيشية، ولا بناء عمرانيا خارقا، خصوصا في المرحلة الراهنة: مرحلة الحرب القائمة والتداعيات الماحقة والتحديات الماثلة.
التغيير بمفهومه المادي للأوضاع والأنماط المعيشية إلى الأفضل، يتطلب استقرارا عاما للمدخلات من موارد ومعطيات، وتفرغا تاما لإنتاج مخرجات ومتغيرات. وبالمثل البناء بمفهومه المادي تشييدا وتعميرا.
لهذا أرى أن اسم المرحلة وحكومتها لم يكن «التغيير والتعمير» فمصطلح «التعمير» محدد الدلالة ومحصور في تشييد العمران سكنية كانت أو خدمية أو إنتاجية: تعدينية أو صناعية أو زراعية أو سمكية،.. إلخ.
والحاصل، وفقا لمعطيات خطابات القيادة، وبرنامج الحكومة، أن المقصود بـ»التغيير والبناء» مرحلة أولى ضمن مراحل «التغيير الجذري» المُعلن، تختص أولا بالتغيير الهيكلي للحكومة والبناء المؤسسي للدولة.
بدا هذا التغيير الهيكلي واضحا في تشكيل الحكومة الجديدة ووزاراتها، وفي إنشاء «مكتب رئاسة الوزراء» الذي يفترض أنه بديل عن «أمانة رئاسة الوزراء»، ثم «المكتب القانوني» البديل عن وزارة الشؤون القانونية.
هذه بنظرنا، مجرد بداية لسلسلة طويلة من القرارات التشكيلية لمؤسسات الدولة، دمجا للمتشابهات في التخصص، وإلغاء لمزدوجات الاختصاص، واستحداثا لمؤسسات تلبي رؤية «التغيير الجذري» المعلن عنها.
يتطلب هذا التغيير «الهيكلي» والبناء «المؤسسي» أمدا زمنيا ليس قصيرا لإحداثه، وإعداد وإقرار وإصدار قوانين ولوائح تنظيمية وتنفيذية جديدة، للاختصاصات والصلاحيات، تبعا لتغيير هيكل الحكومة ومؤسسات الدولة.
وإذا كان برنامج الحكومة ينصب في مجمله على التزامات «تسيير» شؤون ومصالح الدولة والشعب، و«تجسير» الإمكانات والموراد المتاحة، وتطوير الهياكل والنظم الإدارية والقانونية؛ فإنه بدا حذرا تجاه أي التزامات بإحداث تغيير مادي معيشي أو مالي.
لهذا ربما كان الأحرى لكبح جماح الآمال الشعبية ومعه الضغط على الحكومة الجديدة؛ بيان أكبر لمفهوم «التغيير» و«البناء» المقصودين في هذه المرحلة، وأنه «التغيير الهيكلي والبناء الإداري» وتعيين إطار زمني للمرحلة.
كذلك كان بنظرنا أجدى تسمية المرحلة وحكومتها باسم أكثر دقة وتحديدا لطبيعتها والأهداف المعولة عليها، وتبعا المهام الموكلة إليها والنتائج المرجوة لعملها، كأن يكون الاسم مثلا: «التطوير والبناء المؤسسي».
يحتاج اليمنيون الأمل والتفاؤل، لشحذ الصبر وتعزيز الصمود. وبجانب التوكل على الله والثقة بعونه، يلزم تعزيز الثقة بين الشعب والحكومة بمزيد من الوضوح والشفافية، منعا لأي لغط ودرءا لخيبة الأمل ومحاولات الاصطياد في المياه العكرة.

أترك تعليقاً

التعليقات