وقاحة فجة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تتصاعد وتيرة الفجاجة في خطاب ومواقف الساسة، على نحو يتجاوز الصفاقة إلى المجاهرة بالوقاحة. وقاحة الباطل، في أقصى غروره، وأعتى تكبره، وأبغى تجبره. حدا ينزع معه عنه أقنعته، ويستغني عن جميع مساحيق تجميل قبحه!
هذا هو الحاصل حرفيا، في مواقف الامبريالية الغربية من الحركات الثورية في أفريقيا. تخـدرج وزارة الخارجية الفرنسية بتصريحات أقل ما توصف بالوقحة. تقول: "لا يحق لقادة الانقلاب العسكري في النيجر إجبار سفير فرنسا على المغادرة"!
تخيلوا، فرنسا، الدولة الامبريالية، المستمرة حتى بعد إعلان "إنهاء الاستعمار للشعوب"...
في احتلال أراضي وشعوب الدول النامية واهتبال ثرواتها، منذ مطلع القرن التاسع عشر، تقدم نفسها مالكا لدول أفريقيا، وسفيرها حاكما مفوضا لا مجرد سفير!
ظلت دول عدة في قارة أفريقيا، تحت نير الاحتلال الأجنبي، بواجهة أنظمة حكم محلية، فاسدة وخائنة، لأنها تابعة وعميلة. وحين تقرر شعوب هذه الدول التحرر من الهيمنة تسمى «انقلابية»، وتنعت بأن لا حق لها في أرضها ولا في قرارها!
ما كانت الحكومة الفرنسية، تنزع قناع «جمهورية الحرية والاستقلال والديمقراطية والعدالة»، وتكشر عن أنياب مصها دماء الشعوب، لو لم تكن تهتبل ثروات النيجر وغيرها من دول أفريقيا، وتواجه تهديدا حقيقيا بإنهاء هيمنتها وإغلاق حنفي النهب.
وكما حدث مع اليمن، وثورته التحررية من هيمنة الوصاية، والارتهان التام للخارج على حساب الامتهان العام للداخل، يجري حاليا دفع كيانات أفريقية أسستها قوى الهيمنة الدولية، إلى التدخل عسكريا لوأد تحرر دول النيجر، والغابون، وبوركينا فاسو!
لا أشد من وقاحة النظام الفرنسي، عدا وقاحة النظام الأمريكي! يرسل قواته العسكرية إلى البحر الأحمر، وينشرها على الأراضي اليمنية، في المحافظات الشرقية لليمن: حضرموت والمهرة، وبذريعة زائفة، تحمل لافتة «مكافحة الإرهاب وتهريب الأسلحة»!
يعلم القاصي والداني، أن حضرموت والمهرة وسقطرى، لم يصل إليها ما يسميه تحالف العدوان السعودي الاماراتي ومن ورائه الحلف الإنجلوصهيوني (أمريكا، بريطانيا، وإسرائيل)، «الانقلاب الحوثي»، لكن دول هذا التحالف تسابقت لاحتلالها بقواتها!
لكن غير المعلوم ولا المقبول، لعشرات الملايين من اليمنيين، هو هذا الصمت من جانب ما يسمى «مجلس القيادة الرئاسي» وحكومته، حد الخرس، حيال هذا الانتشار العسكري الأمريكي في المحافظات الشرقية، ولو كان حتى بكتيبة أو حتى سرية جنود!
ويبقى المثير للسخرية، هو موقف سياسيي وناشطي «الشرعية» المُسقطة علنا من تحالف دعمها المزعوم. تجاهلهم تدفق القوات الأجنبية الأمريكية والبريطانية للمحافظات الشرقية، واستمرارهم في الحديث عن «تحرير صنعاء»، وسعيهم إلى جعلها نسخة من عدن!

أترك تعليقاً

التعليقات