مَن الشهيد؟
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يبرز في هذا التوقيت من كل عام السؤال نفسه: من هو الشهيد؟ وما إذا كان شهيدا كل يمني قضى نحبه بنيران معركة تحرر اليمن من الهيمنة والوصاية الخارجية، واستعادة استقلال قراره وسيادته على كامل أراضيه ومياهه وأجوائه؟!
لا أقصد بهذا السؤال التوصيف الديني والشرعي للشهيد. معلوم أن الشهيد هو من قضى مجاهدا في سبيل الله تعالى وطاعته وابتغاء مرضاته سبحانه، وقتل مدافعا عن دينه وعرضه وماله وأرضه.
إنما أقصد توصيف الشهيد إجرائيا ورعائيا. لا يوجد، حد علمي، توصيف رسمي لمستحق صفة شهيد. تطلق وسائل الإعلام وأحاديث المسؤولين والسياسيين صفة الشهيد على كل يمني قضى بنيران العدوان على اليمن وفي مواجهته...
لكن الجهات الحكومية والمدنية تحصر إجرائيا هذا التوصيف في من ارتقى شهيدا في جبهات التصدي لتحالف العدوان ومواجهته. ما عدا هؤلاء لا يعاملون بوصفهم شهداء وأسرهم أسر شهداء!
حد علمي، توجد هيئة حكومية وحيدة متخصصة بشؤون الشهداء وجرحى معركة التحرر الوطني، ومختصة بتوثيق بيانات الشهداء وتقديم الرعاية المادية والمعنوية لأسرهم وذويهم.
لكن الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء تحصر صفة شهيد في من ارتقى بجبهات التصدي لتحالف العدوان، وبالمثل باقي المؤسسات والمنظمات المدنية ذات العلاقة أو الاهتمام بالشهداء والجرحى.
كذلك المؤسسات الحكومية، تعتمد التوصيف نفسه للشهيد، في ما تقدمه -على محدوديته- من امتيازات أو اعتبارات للشهداء وأسرهم. ولا تشمل من قضوا بقصف العدوان ونيران معركة التحرر!
لا يذكر من حصد أرواحهم قصف تحالف العدوان ونيران معركة التحرر، إلا بوصفهم أرقاما تُرصد في تقارير جرائم العدوان، وتسرد بهدف الإدانة وتعبئة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي!
يحدث هذا في وقت يتحدث الجميع بإكبار وإجلال عن الصمود الوطني، ويحتفون بثبات الشعب في وجه قصف العدوان وحصاره وحربه النفسيه والاقتصادية، وبدعم الشعب جبهات التصدي للعدوان والتحرر!
يفترض هذا الاحتفاء والإكبار، لصمود الشعب، الإقرار بأن من قضوا بقصف تحالف العدوان ونيران معركة التحرر «شهداء الصمود» إن لم يكونوا ممن ينطبق عليهم التوصيف الديني والشرعي للشهيد.
ويفرض هذا مواساة أسر الشهداء المدنيين، ورعايتهم على السواء مع أسر شهداء جبهات التصدي للعدوان، فجميعها تتشارك في التضحية، ويجمعها فقد العائل، وتلتقي في الصمود والتصدي للعدوان.
تبذل سلطات الدولة جهودا محمودة في ملف الشهداء وتتمسك في مفاوضات السلام بحق إلزام تحالف العدوان بتعويض ضحايا عدوانه وإعادة الإعمار، ونشد على يدها في هذا الحق المشروع.
لكن رعاية أسر الشهداء المدنيين، تتطلب إعادة النظر من حكومة البناء والتغيير. هي أجدر بهم من إحالتهم لتحالف قتلهم وحصارهم. وتأبى كرامتهم أن تكون رعايتهم من تحالف قصفهم! والله المستعان.

أترك تعليقاً

التعليقات