فاجعة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
أضاف الكيان الصهيوني إلى فاجعتنا بأهلنا في غزة، فاجعة جديدة بأهلنا في لبنان. خلال أسبوع فقط، قتل طيران الكيان قرابة ألفي مدني وجرح الآلاف ودمر مئات المنازل والمباني. لا يقتصر الأمر على استهداف قيادات المقاومة اللبنانية (حزب الله) بل يتعداه إلى التنكيل بمبدأ المقاومة نفسه!
الفاجعة الكبرى، هي هذا الاحتفاء الفج من وسائل إعلام وسياسيي وناشطي دول عربية، بالعدوان «الإسرائيلي» على لبنان! لا تدري كيف سلخ هؤلاء جلودهم إلى هذا الحد، وصاروا يشاركون الكيان الصهيوني نشوته في القتل والتدمير والتشريد، لإخوة لهم يشاركونهم الدم واللغة والهوية والدين والقومية!...
أطلق هؤلاء كرنفالا للشماتة والتشفي، باستشهاد قيادات مجاهدة في المقاومة اللبنانية، على رأسهم أمين عام حزب الله؛ السيد حسن نصر الله، بعد رحلة جهاد ضد عدو الأمة العربية والإسلامية جمعاء، دامت قرابة 23 عاما، كللت بتحرير أراض شاسعة في جنوب لبنان من الاحتلال «الإسرائيلي».
الأنكى، أن معظم هؤلاء الشامتين والمتشفين، باستثناء الجيش الإلكتروني الصهيوني الناشط بأسماء عربية وأيقونات أعلام وحكام دول عربية، يتشدقون في شماتتهم وتشفيهم، فقط بالدعم الإيراني للمقاومة اللبنانية، كأن هذا الدعم جريمة في مواجهة عدو مشترك للأمتين العربية والإسلامية، عداوته صريحة!
الحال نفسها، مع العدوان «الإسرائيلي» الجديد على محافظة الحديدة. قصف خزانات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى ومحطات الكهرباء. هذا الاعتداء على منشآت مدنية خدمية ملك لكل اليمنيين، طالته موجة الشماتة والتشفي، ومن سياسيين وناشطين يمنيين -مع الأسف- على هذا التلف الفاجع!
تجتاح المنطقة موجة إتلاف للقيم والمبادئ، وإفساد للأخلاق، يتجاوز الفجور في الخصومة السياسية، إلى السفور في انحلال الإيمان برب واحد ورسول واحد، والانسلاخ عن القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية بل حتى المجتمعية، في تعريفها للعيب، وتوصيفها للفعل الفسل، والسلوك السافل، والموقف التافل!
صارت الخصومة السياسية والتباينات الفكرية، مبررا لدى هؤلاء للفجور، وعذرا لسفور تشنيع الحق وتبشيع أي فعل مقاوم لكيان عنصري سادي مجرم، يصرح بعداوته، وبحقده على العرب والمسلمين، ويجاهر بنزعته الإجرامية ويرتكب منذ عقود مجازر يومية بحق الفلسطينيين، ثم اللبنانيين في جنوب لبنان!
يرى هؤلاء في قرارة أنفسهم، أن لا سبيل أمامهم سوى المضي في غيهم، والتشبث أكثر بخندق من ركبوا موجتهم، وبرروا بغيهم، وسوغوا عدوانهم على وطنهم وشعبهم. لم يعد لديهم ما يخسرونه بعد أن خسروا أنفسهم وأراقوا ماء وجوههم وجاهروا بارتهانهم لدول تحالف العدوان، وخدمة أجنداتها وأطماعها المسماة «مصالحها».
الفصيل نفسه، يتكرر في كل قُطر عربي، ويتكاثر كالوباء، وفي الاتجاه نفسه، مع الأسف! لا يخلو قُطر عربي اليوم، من سياسيين وناشطين وناشطات، يعيشون خارج أقطارهم -غالبا- ويرفعون شعار الارتهان الكلي للخارج على حساب الامتهان الدامي للداخل. في مقابل حياة فندقية وأضواء زائفة لشهرة فاضحة!
يبقى الثابت أن هذا الانحطاط القيمي والأخلاقي، جائحة خطيرة، تبلي مجتمعاتنا بالعملاء والخونة، وتجسد صولة من صولات الباطل. إنما عزاؤنا أنها ليست أول جولة يظهر فيها المنافقون والمرجفون، وأنها لهذا إلى زوال في المحصلة، لأنها تنافي الفطرة والقيم والأخلاق الإنسانية، وتجافي المُثل والمبادئ المجتمعية، علاوة على الثوابت الدينية.

أترك تعليقاً

التعليقات