لا استثنـاء
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

لا تدري لماذا يصر العرب والمسلمون على جواز إهانتهم إلا رسولهم الكريم محمد المصطفى صلوات الله عليه وآله وسلم؟! يحدث هذا في كل مرة يسيء المتطرفون للرسول. تظهر موجة غضب ترفع الشعار نفسه «إلا الرسول»، كما لو أنها إقرار بتقبل الأمة إهانتها ورجاء استثناء الرسول منها!
عمليا، العرب والمسلمون أهانوا ويهينون أنفسهم بهذا الموقف المخزي، الراجي استثناء الرسول الخاتم من إهانتهم التي باتوا يتعايشون معها، مع الأسف. في حين أنهم يستطيعون رفضها والتصدي لها بحزم أمة جاوز تعدادها المليار، لكنها في ميزان فاعلية الشعوب دون قيمة، أو تأثير، للأسف!
في الأصل، لا يضير العظماء تطاول السفهاء، والرسول الكريم، لا تضره إساءة رسام كاريكاتير أو حاخام هنا أو بطريرك هناك، وتجاهل الإساءة خير من الإسهام في إبرازها وإظهار الألم منها لمن يتعمد أن يؤلم هذه الأمة المستلبة المنهكة بعاديات المهانة والهوان دون الحرية والعزة!.
وفعليا، فالإساءة للرسول الكريم، صادرة عن بعض أمته، مع الأسف الشديد. وأعني أولئك الذين حوروا سيرته وأعادوا تفصيلها على مقاس ملذاتهم وشهواتهم ونفسياتهم غير السوية، حتى حصروا سيرته في الغزوات والزيجات والسبي والنحر والرجم، وغيرها مما يجافي الحقيقة، وينافي كونه رحمة لا نقمة.
يغفل المسلمون أن رسالة رسولهم الخاتم، وبخاصة في جانب السيرة والحديث، تعرضت لتصحيف ممنهج من ألد الخصوم للرسول، ومنذ زمن مبكر، حدا بات بعضنا يقدسون النقل على العقل، والرواية على الآية، والحديث على النص القرآني، ويفرضون الحجر على التفكير بالتكفير!
تصحيف وتزوير اليهود لسيرة وحديث الرسول الخاتم، معلوم ومشهور، ومن أبرز روافده ما يُعرف باسم «الإسرائيليات»، وهناك ما جرى دسه عبر مسلمين من جنسيات أعجمية، لا يجيدون العربية، ولا يخفى على عاقل تجاوز بعض ما نقلوه جوهر الدين ونصوص القرآن، وفريضة العقل!
هناك أيضا، ما جرى دسه خدمة للسلطان، بعد تحول الرسالة المحمدية من كونها دين الله الإسلام، إلى مُلك وخلافة وتوريث وتنافس على السلطة، وقمع للمعارضين باسم الدين وفتاوى «علماء السلطان» التي تلوي كلام الله ورسوله بما يوافق أهواء السلطان ويقدسها، حد تجريم الاحتفاء بذكرى مولد الرسول نفسه!
الإسلام، في أبسط معانيه، التسليم الكامل لله وعبادته وحده، والالتزام الشامل بما جاء به رسله من لدنه، والايمان التام بكتبه جل جلاله. وهذا يقتضي أن لا قدسية لأي بشر، ولا تأليه لأي حاكم، ولا خضوع لأي ظالم، ولا خنوع لأي باغ، ولا قبول لما دون العزة، فالعزة لله وللمؤمنين، وليس غيرهم.
الحاصل في عالمنا الإسلامي والعربي، أن جل الحكام غير ملتزمون بما أمر الله ولا يتقونه، يعيثون في الأرض فسادا، ويذلون أعزة القوم، ويعزون أرذلهم، ويوالون اليهود والنصارى وأهواءهم، حد الاستلاب والانقياد والتبعية المهينة المذلة، التي تعمم الهوان وتطبق بالذل على الأمة، وتهدر مقدراتها كافة.
ينبغي لكل مسلم أن يتساءل: لماذا نحن مهانون وهائنون على غيرنا من الأمم، رغم أن الله حبانا بالخيرات والنعم، بدءا من الرسل والأنبياء، والكتب والشرائع، والحضارات المتراكمة، مرورا بالموقع الجغرافي (قلب العالم)، والثروات المتعددة، وكل أسباب النهضة والرفعة ومقومات القوة والعزة؟!

أترك تعليقاً

التعليقات