مجلس الدمى!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يقف اليمنيون أمام مسرحية سامجة، مشاهدها تبعث على الضجر، وفصولها تضاعف حظهم من الكدر. ليس لأنها تمدد النكد وتوتد الكَبَد، بل أيضاً لأنها مبتذلة مملة، نصوصها فجة ودُماها بليدة، أحداثها رتيبة وأفكارها غبية، لا تمتع ولا تقنع، ولا تنطلي إلا على سذج أو خدج!
مسرحية مجلس الدمى المفروضة على اليمنيين، ركيكة النص، هشة البناء، ضعيفة الحبكة، رتيبة العرض، مبتذلة المضمون، هابطة الأداء، يغلب على مؤلفيها التكلف والتنطع وعلى مؤديها التخلف والتصنع. زاد على ذلك أن المخرجين لهذه المسرحية باتوا يفتقدون ذلك الإبداع المبهر والمؤثر والمُقنع!
المؤدون لأدوار هذه المسرحية يفتقدون الموهبة والمَلكة، والإرادة والمقدرة، وحتى حرية التمثيل. لا يملكون إلا الانصياع. مجرد دمى كرتونية، تتحرك بلا بصر أو بصيرة أو إرادة وحرية، تفعل ما يريد محركها الظاهر والخفي، المؤلف بينها ولها، بما في ذلك مشاهد الائتلاف ومجريات الخلاف المصطنعة!.
يحدث هذا رغم أن مؤلف هذه المسرحية ومخرجها من ذوي الباع في مَسْرحة الأحداث وإنتاجها. باع طويل في تقديم الزيف والخداع وتعميم الحيف والإخضاع، وتعويم التخلف والانصياع. كيانات مشهورة بصناعة الحُكام وإصدار الأوامر والأحكام، بتنصيب الباطل وتسخيف الحق وإرهاب الشعوب واستلاب الثروات.
لكن هذه الكيانات فقدت براعتها في تلميع وتمكين التافهين، وتجييش وتحشيد جماهير المصفقين، وإدارة ترسانة إيهام المُمَجِّدين والمُعَظِّمين وزيادة أعداد المخدوعين. ما عادت بارعة في إدامة خِدر الموهومين، وكدر الأشقياء المتعبين، المحكومين بوهم الغد الأفضل أن يجيء من الحكام الأفشل فلا يجيء.
مؤلف هذه المسرحية أمريكا وبريطانيا، ومخرجها ومنتجها السعودية والإمارات، ومؤدوها دمى تسمى قوى صنعتها واشنطن ولندن ومولتها الرياض وأبوظبي. جميع دمى هذه المسرحية تدين بالولاء لصانعيها. لا تملك مقدرة الخروج عن النص المبتذل المرسوم. جمادات مُحركة، بلا إرادة أو قرار، مجرد دمى ناطقة!
ليس غريبا أن يظل معيار اختيار هذه الدمى مرتكزا على الارتباط بعلاقات مع المؤلف الأمريكي والبريطاني، والانقياد المسبق للمخرج السعودي والإماراتي، وقبل هذا وذاك الارتهان المطلق لمن يدفع ويغدق، والرصيد الحافل في العمالة للخارج، والاستعداد الماثل لتقديم كل أشكال الطاعة والخيانة.
التدقيق في خلفيات هذه الدمى يؤكد هذا. والتأمل في تصريحاتها وخطاباتها يشهد بهذا. تتبع المواقف وأطوار تخلق هذه المواطف يجسد بجلاء متى تخلقت وكيف ظهرت، وبدعم وتمويل مَن، ولأي غاية. يظهر أنها امتداد لارتهان الأمس ورهن اليمن للخارج، وتجاهر بذلك علناً ولا تخفيه حتى بالهمس!
اختار المؤلف الأمريكي والبريطاني هذه الدمى بعناية ورسم لها أدوارا محددة، وتولى المخرج والمنتج السعودي والإماراتي تمويل إنشاء وتجنيد قوات لكل دمية من هذه الدمى. أعدها علناً لاستلام راية الارتهان للوصاية والهيمنة، وتنفيذ السيناريو المُعد سلفا، لليمن واليمنيين، تقسيما وتمزيقا، وإخضاعا للوصاية.
لهذا يظهر أن كل دمية من هذه الدمى في هذه المسرحية، ترفع شعار استعادة الدولة. لكن هذه الدولة ليست نفسها، بل دولة لكل دمية منها. هذا هو المرسوم لها وإن تحرج بعضها حتى الآن في التصريح والتزم التلميح، فمجريات الأحداث تسير باتجاه تصفيات نهائية تُحسم بضربات ترجيح دامية!

أترك تعليقاً

التعليقات