نزع الروح!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يستخف الغرب المتعجرف بأرواح كل إنسان ليس من عرقهم الأبيض، حدا يطالب معه العرب بنزع أرواحهم!
يفعل الغرب هذا تكراراً ما فعله المغول والتتار والصليبيون وغيرهم على مر مراحل الهوان العربي، وتخييره العرب -علناً لا سراً- بين السِلّة (الذبح) والذِلّة!
يحدث هذا من جديد مع العرب اليوم، في هذه المرحلة الأسوأ تيهاً وتفرقاً وهواناً وذلاً، بعد سبي الدولة في سورية، فيملي المبعوث الأمريكي إلى لبنان «ورقة» يسميها «خطة» لنزع سلاح المقاومة للكيان الصهيوني، بزعم «إثبات حسن النوايا وتعزيز الثقة الدولية»!
إمبراطورية الشر العالمي الأمريكية تخير لبنان خيارين لا ثالث لهما: إما الاستسلام الكامل بنزع سلاح المقاومة، والتطبيع مع الكيان الصهيوني والتبعية المطلقة له بواجهة واشنطن ووعود «مدينة اقتصادية»، وإما العقوبات الأمريكية القاسية والحرب المباشرة!
ذانك هما الخياران المرسومان للبنان اليوم، وكلاهما، الاستسلام أو الاحتدام، يسير في تناغم سافر وتخادم فاجر مع مخطط «إسرائيل الكبرى»؛ يقود إلى تفجير حرب أهلية جديدة في لبنان تكون غطاء لاحتلال واجتياح عسكري صهيوني جديد لبيروت!
ما يزال صاعق الفتنة المرسومة للبنان في طور الزرع قبل النزع. الهدف دق «مسمار جحا» جديد يضاف لمسمار «اتفاق الطائف» ودستوره (الطائفي) اللذين أدخلا لبنان في نفق لا ينفك يوهنه بالأزمات الاقتصادية والسياسية، ويعلقها زوراً وبهتاناً على المقاومة!
تضج الساحة اللبنانية منذ أسابيع بجدال واسع، وسجال أوسع، بشأن «ورقة» المبعوث الأمريكي؛ ليس في رفض الإملاءات الأمريكية وتدخلها السافر في الشأن الداخلي اللبناني السيادي، بل في آلية تنفيذ الورقة/ الخطة! ما يعني أن الجميع بلع الطعم الغربي!
معلوم هنا أن المقاومة رديف للجيش اللبناني، وتصدت للكيان الصهيوني وحررت الجنوب، ووارت عوار تبعات «التطييف الدستوري» لمؤسسات الدولة في لبنان، وانقسام الموقف والقرار اللبناني، حيال انتهاكات عدة لسيادة الدولة اللبنانية، واستلاب الإرادة اللبنانية.
وليس سراً أن الجيش اللبناني يواجه منذ عقود هيمنة خارجية وقيوداً على التسلح، تضمن محدودية قدراته على تنفيذ مهام «حرس حدود» ليس لصد محاولات قوات الاحتلال الصهيوني التوغل في الأراضي اللبنانية، بل لحماية اتفاق «وقف إطلاق النار» مع الكيان وقوات حماية السلام (يونفيل)!
فرض هذا الوضع غير الطبيعي في لبنان أمراً واقعاً، استغرق سنوات من التخطيط والترتيب والضغط الغربي بقيادة إمبراطورية الشر الأمريكية، و«وساطة» فرنسا الإمبريالية (الفرانكفونية)، لصالح حماية الكيان الصهيوني، وتثبيت احتلاله فلسطين، وتأمين ابتلاعه أراضيها!
يدرك هذا جيداً ويقيناً الجيش اللبناني، الذي لا يناصب المقاومة العداء، ويعتبرها رديفاً أساسياً له، في تأدية المهام الأساسية لأي جيش في العالم: حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الوطن. لهذا لم يكن غريباً أن يقدم قائد الجيش اللبناني استقالته، رفضاً لـ«الفتنة» الأمريكية.
يبقى الثابت -إذن- أن مشكلة لبنان ليست في مقاومته وسلاحها، بل في تفخيخه وتكبيل دولته بأغلال «دسترة الطائفية»، والهيمنة والوصاية الدولية. وإن الحل في لبنان هو انتزاع استقلاله عن هذه الهيمنة والوصاية، وتحرره من قيود «الطائفية الدستورية» ورفض نزع روحه، والدفاع عنها.

أترك تعليقاً

التعليقات