لو كانت مكة!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تابعت بحسرة مؤتمر «الخيبة» لمنظمة «الخمة» الإسلامية، وتساءلت: ماذا لو كانت مكة؟! لو أن فاجعة الأمة في قبلة عِزتها «غزة»، ما تتجرعه من أهوال وفظاعات إبادة لأهلها وتدنيس لمقدساتها؛ يحدث في مكة؟!
هل كانت صدمة الأمة العربية والإسلامية بمواقف حكامها، ستكون نفسها؟! والخيبة هذه في حكوماتها وجيوشها، ستكون ذاتها؟! ورد الفعل، أكان سيظل خطابات شجب واستنكار، وبيانات إدانة وتنديد، واستحمار للعقول؟!
شخصيا، لا أستبعد تطابق الحالة عربيا وإسلاميا بين العدوان على غزة والقدس أو مكة. سيكون الباغي والمعتدي هو نفسه العدو «الإسرائيلي» الصهيوني. إذ سبق أن أعلن نيته لهذا، وطبع بعملته خارطة «إسرائيل الكبرى”!
في المقابل، ماذا كان الموقف عربيا وإسلاميا؟! لا شيء، غير ما هو سائد اليوم حيال العدوان على غزة، وحرب الإبادة الجماعية لأهلها. ستكون تبعية حكام العرب وجيوشهم، هي نفسها، لأرباب الكيان، حلف العدوان «الأنجلو-صهيوني”!
باستثناء فارق الجغرافيا لصالح قرب مكة من يمن العزة والنصرة، وحتمية هبته لحماية البيت الحرام والكعبة. الكعبة التي كان اليمنيون أول من كساها مُلأ وقصبا وبُرودا، وجعل لها بابا من الذهب وإقليدا (مفتاحا) وسدنة لحجيج البيت.
عدا هذا لن تفرق حال ورد فعل أمة، فاق تعدادها الملياري مسلم وضاع جوهر الإسلام فيها شيئا فشيئا، فاختلف وصُحف ثم انحرف وحُرف، حتى تلف وانخسف، حضور قيمه وتعاليمه في السلوك العام، وعند الملمات والواجبات.
مُني دين الله الإسلام بعد إبلاغ خاتم رسل الله تعالى، محمد بن عبدالله، رسالته الخاتمة العالمية، باختلاف قاد لانحراف، بدل الدين مِن رسالة ودعوة إلى رياسة ومملكة، ومِن شريعة إلى سياسة، وحول فروضه مِن عبادة إلى عادة!
برز بجناية الساسة ونزعة الرياسة وغاية «الخلافة»، مَن «يشترون بآيات الله ثمنا قليلا» ويصدون عن سبيله، ومَن «يُلبسون الحق بالباطل» ويكتمون الحق، ومَن «يخشون في الله لومة لائم»، فسقطت لا النهي الإلهي، وسقطت الأمة!
انتشر الداء شيئا فشيئا حتى استفحل الإيهان، وظل يبرز بين «علماء» السلطان، مَن يبرر الظلم والباطل، ويسوغ التعايش مع الظالمين والطغيان، بوصفه «طاعة لله»، وبوصف «الطاعة عبادة»، إنما ليس لله الحق، العادل الديان!
غاب التراحم، وغاب معه التواصي بالحق، بقي التواصي بالصبر، ليس احتسابا لوجه الرب، بل تسليما بانعدام الحيلة واستحكام الغلب! وغاب التناهي عن المنكر، وغاب تنفيذ حدود الله، فشاع المنكر وفي نواحي الحياة، تغلب!

أترك تعليقاً

التعليقات