حل أوفر!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يغدو الإنسان في كثير من الأحيان، عدو نفسه! يحدث هذا مع السعودية الآن. تستطيع ضمان أمنها واستقرارها والمنطقة بالتخفف من الهيمنة الأمريكية، والإيفاء باستحقاقات اتفاق السلام في اليمن، بتخصيص سدس ما التزمت هذا الأسبوع بدفعه لأمريكا!
معلوم أن اليمن والسعودية، قبل أكتوبر 2023م كادا أن يوقعا اتفاق سلام، أفضت إليه مفاوضات مباشرة وغير مباشرة بين الجانبين في مسقط وصنعاء والرياض، بوساطة من سلطنة عمان، ودفع من الرئيس الأمريكي جو بايدن.
لكن اندلاع معركة «طوفان الأقصى»، وإعلان اليمن بقيادة «أنصار الله»، تأييده وإسناده للمعركة، وتداعيات ذلك الدولية؛ حالت دون التوقيع رسميا على الاتفاق، حتى بعد إعلان الأمم المتحدة رسميا تبنيها الاتفاق، نهاية ديسمبر 2023م.
الاتفاق الذي احتفى به الإعلام السعودي وتوزع على ثلاث مراحل، تبدأ بمعالجات سريعة لقضايا ملحة في كل من الملفين الإنساني والاقتصادي، ثم الملف العسكري، فالملف السياسي؛ سمَّي «خارطة الطريق للسلام الشامل في اليمن»...
رافق إعلان الرياض تجميد عمليات تحالفها العسكري في اليمن وسعيها لاستبدال بزتها العسكرية بزي وسيط السلام في اليمن؛ دفعها بوساطة صينية لإبرام اتفاق مصالحة مع إيران واستئناف كامل للعلاقات معها، مطلع مارس 2023م.
مع ذلك، مارست الولايات المتحدة الأمريكية، ضغوطا كبيرة على الرياض، للانخراط في عدوانها على اليمن بقيادة «أنصار الله»، والهادف إلى إيقاف هجمات اليمن على الملاحة البحرية للكيان الصهيوني وقواعده العسكرية ومطاراته وموانئه.
عبرت عن هذه الضغوط زيارات متتالية نفذها قائد القوات الأمريكية المركزية في المنطقة (سنتكوم) الى الرياض، وزيارات واتصالات بين وزراء الخارجية والدفاع لكلا البلدين، وتصريح أمريكا برفض السعودية استخدام مرافقها العسكرية ضد اليمن.
ظلت السعودية متمسكة بدعم اتفاق الهدنة في اليمن، وألزمت الفصائل اليمنية الموالية لتحالفها (السعودي -الإماراتي)، بإعلان موافقتها على «خارطة السلام»، أمام تفاقم أزمة إفلاسها بعد إيقاف صنعاء تصديرها للنفط، مطلع 2023م.
بدا الدافع اقتصاديا للتحفظ السعودي ومثله الإماراتي، عن المشاركة المباشرة في حملة الرئيس جو بايدن (بوسيدون) ضد اليمن بقيادة «أنصار الله»، ثم الحملة الأمريكية البريطانية (حارس الرخاء)، فالحملة الأمريكية بعهد ترامب (الراكب الخشن).
آثرت الرياض ومثلها أبوظبي، السلامة، وتجنب أي ردود فعل عسكرية لوح بها اليمن، كالتي دفعتهما لإبرام اتفاق الهدنة في اليمن مطلع أبريل 2022م، وطالت منشآت إنتاج النفط والغاز وموانئ تصديرهما والمطارات، وأحدثت أضرارا بالغة.
لكن السعودية، ورغم دخولها في أزمة استنزاف صندوقها الاحتياطي في مشاريع بنصف تريليون دولار، يتصدرها مشروع «مدينة نيوم»؛ لم تغفل الجانب العسكري، وأبرمت صفقات تسليح كبرى تركزت في مجال الدفاع الجوي واعتراض المُسيَّرات.
الآن، وبعد اتفاق إيقاف الحرب بين الكيان الصهيوني والمقاومة الفلسطينية في غزة، وبدء تنفيذ مرحلته الأولى؛ عاد الى الواجهة، حديث «السلام في اليمن»، عبر دعوة وجهها مجلس التعاون الخليجي إلى اليمن بقيادة «أنصار الله» لدعم جهود إحلاله.
في المقابل، رد اليمن على الدعوة السعودية عبر مجلسها لتعاون دول الخليج؛ بدعوة النظام السعودي إلى «الانتقال من مرحلة خفض التصعيد إلى إنهاء العدوان والحصار والاحتلال وتنفيذ الاستحقاقات الواضحة للسلام، كون ذلك الحل الأقرب».
ورد هذا في خطاب لرئيس المجلس السياسي الأعلى عشية الذكرى الثانية والستين لثورة «14 أكتوبر»، تعهد فيه بـ»مواصلة الدفاع عن اليمن حتى تحرير كل شبر من أراضي الجمهورية اليمنية وطرد كل محتل غاصب استباح ثروات الشعب وسفك دماء أبنائه».
ألقى الخطاب الكرة في ملعب السعودية. ورغم التحركات اللافتة، السياسية والاقتصادية والعسكرية، محليا وإقليميا ودوليا، باتجاه الحرب على اليمن بقيادة «أنصار الله»، تحت عنوان «أمن المنطقة والملاحة الدولية»؛ إلا أن المتغير في موازين القوى يبرز جليا.
ويبقى الظاهر، أن دوافع لجوء الرياض إلى الهدنة في اليمن مطلع أبريل 2022م، ما تزال قائمة وبوتيرة أكبر. ما يجعل السعودية أمام خيارين: إما المضي في التوجهات (الأمريكية -»الإسرائيلية») لتفجير الحرب في اليمن، أو الأخذ بنصيحة سيد الثورة لها بـ»ألاّ تتورطوا».

أترك تعليقاً

التعليقات