رهان اليمن
- ابراهيم الحكيم الثلاثاء , 23 يـنـاير , 2024 الساعة 7:14:11 PM
- 0 تعليقات
إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يتساءل البعض وهم يتابعون موقف اليمن الحر من فلسطين ودعمه وإسناده شعبها ومقاومتها بمواجهة العدوان الصهيوني: ما الذي يجبر بلدا وشعبا منهكا من الحرب ومحاصرا، على هذا..؟ لماذا وعلى ماذا يراهن في مواجهة تحالف دولي بقيادة أمريكا وبريطانيا ضد فلسطين ومن يقف معها؟!
التساؤل وجيه جدا، بالذات وأن اليمن الحر بقيادة السيد عبدالملك الحوثي لم يكن مجبرا من أحد على اعتناق هذا الموقف المبدئي الثابت من قضية فلسطين، ولا على تبني نصرتها وإسناد مقاومتها بمواجهة العدوان الصهيوني الغاشم، وحصاره الظالم، المتواصلين بمشاركة أمريكية.
كانت حال اليمن الحر وظروفه جراء العدوان عليه عذرا عن التقصير وسببا للتبرير.. .
وكانت وساطات ومفاوضات السلام في اليمن توشك أن تؤتي ثمارها وتتوج باتفاق ناجز، يتضمن شروط اليمن الحر المعلنة للسلام، ويضمن التزام الاطراف الدولية والإقليمية للعدوان على اليمن.
يعلم الجميع أن تحالف العدوان على اليمن بقيادة السعودية والإمارات ومن ورائهما أميركا وبريطانيا وفرنسا؛ كان قد بلغ اليأس في تحقيق أهداف عدوانه، وجنح إلى السلام وشروطه وفي مقدمها الاستقلال والسيادة والتحرر من الوصاية الخارجية ومغادرة جميع القوات الأجنبية اليمن.
مع هذا، رفض اليمن الحر بقيادة السيد عبدالملك الحوثي، الركون لعذر “الظروف” أو مقايضة إنهاء العدوان على اليمن بالتخلي عن قضية فلسطين وشعبها. على العكس، أعلن اليمن قيادة وشعبا، منذ اليوم الأول “دعم معركة طوفان الاقصى”، و”إسناد المجاهدين في فلسطين بكل الممكن وما نستطيع”.
هذا يقود للتساؤل: على ماذا تراهن قيادة اليمن الحر إذن؟ أما الجواب: على الإيمان بالله المقترن باليمن والمتأصل في اليمنيين. الثقة بالله عز وجل والتوكل عليه سبحانه وتعالى، واليقين التام بنصر الله المؤمنين، في دفع الشر، وردع الباطل، ورفع الظلم، وجميعها ماثلة في قضية فلسطين.
يتجلى هذا في الموقف العام لليمنيين. في الغضب الثائر والخروج الهادر إلى الميادين والساحات دعما لفلسطين ومقاومتها. في التبرعات المالية السخية رغم تداعيات العدوان وحصاره طوال ٩ سنوات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وفي الرغبة الجادة لليمنيين في التحرك للجهاد بفلسطين.
ثقة قيادة اليمن الحر بالله وبالشعب اليمني وإيمانه ونخوته ومروءته وشهامته وكرمه وشجاعته وبأسه، تتجسد في خطابات السيد عبدالملك الحوثي، فيقول: “موقف شعبنا هو الموقف المشرف والموقف الصحيح الذي ينسجم مع المسؤولية الإيمانية والإنسانية والأخلاقية”.
يتأكد هذا بقوله: “نحن لا نخجل في موقفنا بل نسعى لأن نصل فيه إلى أقصى مدى ممكن دون تحرج ولا تردد، ونراه موقفا يستحق التضحيات مهما كانت. إذا أراد الأمريكي أن يخضع شعوب أمتنا لتبقى متفرجة على جرائم الإبادة في غزة، فإن شعبنا قرر ألا يخنع وألا يركع وألا يتراجع”.
هذا الرهان على نصر الله عباده المؤمنين، يتجلى أكثر بقول السيد: “طالما أن الأمريكي يريد الدخول في حرب مباشرة معنا فليعرف أننا لسنا ممن يخشاه، وأنه في مواجهة شعب بأكمله وليس فئة محددة. إذا أراد الأمريكي أن يمنع الموقف اليمني تجاه فلسطين فهو في مشكلة مع كل الشعب اليمني”.
لا يقتصر الأمر على الكلام بل يرافقه الإعداد وجاهزية الفعل. تدرك هذا من قول السيد: “إذا أرسل الأمريكي جنوده إلى اليمن فليعرف أنه بإذن الله سيواجه أقسى مما واجهه في أفغانستان ومما عاناه في فييتنام. لا يتصور الأمريكي أن بإمكانه أن يضرب ضربات هنا أو هناك ثم يبعث بوساطات ليهدأ الوضع”.
وتأتي الأفعال مصداقا للقول: “أي استهداف أمريكي لبلدنا سنستهدفه هو، وسنجعل البوارج والمصالح والملاحة الأمريكية هدفا لصواريخنا وطائراتنا المسيرة وعملياتنا العسكرية. لسنا ممن يخضع أو يقف مكتوف الأيدي والعدو يضربه، نحن شعب يأبى الضيم، نتوكل على الله ولا نخاف التهديد والعدوان الأمريكي المباشر”.
تعلم هذا جيدا الإدارة الأمريكية ومختلف أجهزتها الاستخباراتية، ولولا هذا لكانت عجرفتها المعهودة سبقتها إلى فعل أحمق، ولكانت بدأت عدوانها المباشر على اليمن منذ أول إسناد عسكري يمني لفلسطين ومقاومتها منتصف أكتوبر الفائت، ولما ظلت مترددة وحصرت ردها في محاولات اعتراض صواريخ اليمن ومُسيَّراته.
فعليا، تحاول أميركا بغاراتها على مواقع عسكرية سبق أن قصفتها طوال ٩ سنوات بالطيران السعودي والإماراتي؛ حفظ هيبتها وماء وجهها وإرضاء اللوبي الصهيوني وترهيب اليمن. لكن الحاصل أن العدوان الأمريكي البريطاني، لم يرهب اليمن الحر، فموقفه ثابت وإسناده لفلسطين مستمر، ووعيده قائم ونفاذه داهم.
يبقى الثابت أن اليمن يملك قوة الحق وحق القوة في الدفاع عن الحق. وأن الباطل مهما كانت القوة الغاشمة لحلفه وأحزابه؛ أضعف ومصيره الخسران والزوال. لقد أكدت هذا تسع سنوات من العدوان على اليمن، وبعون الله وقوته، ستؤكده قادم الأيام بهزيمة العدوان الأمريكي البريطاني الإسرائيلي، والله غالب على أمره.
المصدر ابراهيم الحكيم
زيارة جميع مقالات: ابراهيم الحكيم